للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه النجوم كهانة من غرس بنجم كذا وكذا كان كذا ومن ولد بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا ولعمري ما من نجم إلا يولد به القصير والطويل والأحمر والأبيض والحسن والذميم، وما علم هذه النجوم وهذه الدابة وهذا الطير شيئًا من الغيب وقضى لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله، ولعمري لو أن أحدا علم الغيب لعلم آدم الذي خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، وعلَّمه أسماء كل شيء، وأسكنه الجنة يأكل منها رغدًا حيث شاء، ونهي عن شجرة واحدة، فلم ينزل به البلاء حتى وقع بما نهي عنه، ولو كان أحد يعلم الغيب لعلم الجن حيث مات سليمان بن داود -عليهما السلام- فلبثت تعمل حولًا في أشد العذاب وأشد الهوان لا يشعرون بموته فما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل من منسأته أي تأكل عصاه فلما خر تبينت الجن أن لو كانت الجن تعلم الغيب ما لبثوا في العذاب المهين وكانت الجن تقول مثل بذلك إنها كانت تعلم الغيب وتعلم ما في غد فابتلاهم الله -عزَّ وجل- بذلك وجعل موت نبي الله -صلى الله عليه وسلم- للجن عظة وللناس عبرة. (١)

[النوع الثاني: المحرم.]

وهو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي لم تقع وستقع في مستقبل الزمان كأخبارهم بأوقات هبوب الرياح ومجيء المطر والبردة وتغير الأسعار وما كان في معانيها من الأمور يزعمون أنهم يدركون معرفتها بسير الكواكب في مجاريها وباجتماعها واقترانها ويدعون لها تأثيرا في السفليات وأنها تتصرف على أحكامها وتجرى على قضايا موجباتها وهذا منهم تحكم على الغيب وتعاط لعلم استأثر الله سبحانه به لا يعلم الغيب أحد سواه. (٢)

[الأدلة على تحريم هذا النوع]

قال ابن تيمية: وصناعة التنجيم التي مضمونها الأحكام والتأثير وهو الاستدلال على


(١) إسناده صحيح. أخرجه البخاري تعليقًا في كتاب بدء الخلق، والطبري في التفسير (١٤/ ٩١)، وأبو الشيخ في العظمة (٧٠٦) واللفظ له من طريق سعيد. وذكره ابن حجر في التغليق (٣/ ٤٨٩) عن عبد بن حميد والخطيب البغدادي من طريق شيبان، كلاهما (سعيد وشيبان) عن قتادة.
(٢) معالم السنن للخطابي (٤/ ٢١٢ - ٢١٣)، شرح السنة للبغوي (١٢/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>