للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسائل واستخراج أقوال، وإنشاء أشعار، وضرب أمثال تخرج عن سيرة السلف، يقرؤها الخلْف وينبذها الخلَف. (١)

وقال الجويني: ومعاوية -وإن قاتل عليًا- فإنه كان لا ينكر إمامته ولا يدّعيها لنفسه وإنما كان يطلب قتلة عثمان ظانًّا أنه مصيب -وكان مخطئًا- وعليّ -رضي اللَّه عنه- متمسك بالحق. (٢)

قال ابن تيمية: والحديث المذكور: "إذا اقتتل خليفتان فأحدهما ملعون" كذب مفترى لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث ولا هو في شيء من دواوين الإسلام المعتمدة، ومعاوية لم يدّع الخلافة، ولم يبايع له بها حين قاتل عليًا، ولم يقاتل على أنه خليفة ولا أنه يستحق الخلافة ويقرون له بذلك، وقد كان معاوية يقر بذلك لمن سأله عنه ولا كان معاوية وأصحابه يرون أن يبتدئوا عليًا وأصحابه بالقتال ولا يعلوا، بل لما رأى عليّ -رضي اللَّه عنه- وأصحابه أنه يجب عليهم طاعته، ومبايعته إذ لا يكون للمسلمين إلا خليفة واحد، وأنهم خارجون عن طاعته يمتنعون عن هذا الواجب وهم أهل شوكة، رأى أن يقاتلهم حتى يؤدوا هذا الواجب فتحصل الطاعة والجماعة، وهم قالوا إن ذلك لايجب عليهم وأنهم إذا قوتلوا على ذلك كانوا مظلومين. قالوا لأن عثمان قتل مظلومًا باتفاق المسلمين وقتلته في عسكر عليّ وهم غالبون لهم شوكة، فإذا امتنعنا ظلمونا واعتدوا علينا، وعليّ -رضي اللَّه عنه- لا يمكنه دفعهم كما لم يمكنه الدفع عن عثمان -رضي اللَّه عنه-، وإنما علينا أن نبايع خليفة يقدر على أن ينصفنا ويبذل لنا الإنصاف، وكان في جهال الفريقين من يظن بعليّ وعثمان ظنونًا كاذبة -برأ اللَّه منها عليًّا وعثمان- كان يظن بعليّ أنه أمر بقتل عثمان وكان عليٌّ يحلف -وهو البار الصادق بلا يمين- أنه لم يقتله، ولا رضي بقتله ولم يمالىء على قتله وهذا معلوم بلا ريب من عليّ -رضي اللَّه عنه- فكان أناس من محبّي عليّ ومن مبغضيه يشيعون ذلك عنه، فمحبوه يقصدون بذلك الطعن على عثمان بأنه كان يستحق القتل وأن عليًّا أمر بقتله، ومبغضوه يقصدون بذلك الطعن على عليّ، وأنه أعان على قتل الخليفة المظلوم الشهيد الذي


(١) الخَلْف بفتح الخاء وسكون اللام: الطالح. والخَلَف بفتح الخاء واللام: الصالح، والمقصود بهم: علماء الحديث محاربي المبتدعة والمعطلة. المرجع السابق.
(٢) لمع الأدلة (١/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>