[الوجه الثالث: ثبت بالدليل المعصوم عندنا أن الأنهار تتفجر من جنة الفردوس.]
ونقول: منه تفجر أنهار الجنة كما ذكرنا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرد غير ذلك في كتب السنة ولا في القرآن.
أما كون الجنة فيها عدة أنهار، فكلها تفجر من الفردوس. ومنها ما يفجر من سدرة المنتهى كما سنذكره في مكانه، وكلها في الجنة كما قال تعالى:{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}[محمد: ١٥].
وعلى هذا فليس هناك اختلاف بين المسلمين في هذه المعاني كما ادعى الكاتب، وأما كون المسلم يبحث عن المعاني في غير المصادر الإسلامية، فحرية الفكر والبحث والتحري في الإسلام أوسع من غيرها. ولكن البحث يكون بمعرفة ما عند الآخر من المعرفة، فإن كانت توافق ما في الإسلام فهي صحيحة، وإن كانت تخالفه فهي باطلة، ومعرفتها واجب على الكفاية من باب: عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه.
[الوجه الرابع: كلمة الفردوس في كتبهم المقدسة.]
وردت كلمة الفردوس معرفة ثلاث مرات:
ففي رسالة بولس الثانية إلى كورنثوس (٤: ٣): وَأَعْرِفُ هذَا الإِنْسَانَ: أَفِي الجسَدِ أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. الله يَعْلَمُ. ٤ أَنَّهُ اخْتُطِفَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ، وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لَا يُنْطَقُ بِهَا، وَلَا يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتكَلَّمَ بِهَا.
وفي سفر سيراخ (٢٤/ ٤٢: ٤٠): (٤٠ أنا الحكمة مفيضة الأنهار ٤١ أنا كساقية من النهر وكقناة خرجت إلى الفردوس ٤٢ قلت اسقي جنتي واروي روضتي).