فتلك عظمة التشريع الإِسلامي وحكمته التي تتجلّى في القرآن منذ ألف وأربعمائة عامٍ مضت وجاءت الأبحاث العلمية لتوافقها، وها هي الآيات تظهر لتعلم البشرية أنه دين الحق.
[الوجه الخامس: في الدليل على أن الصفات الوراثية تثبت بالرضاع كما تثبت بالولادة.]
وذلك فيما يلي:
أولًا: الأجسام المناعية وانتقال الصفات الوراثية:
أثبتت الأبحاث العلمية التي أُجرِيَت حديثًا وجودَ أجسامٍ في لبن الأم المرضعة الذي يترتب على تعاطيه تكوين أجسامٍ مناعيةٍ في جسم الرضيع بعد جرعاتٍ تتراوح من ثلاث إلى خمس جرعات. . .، وهذه هي الجرعات المطلوبة لتكوين الأجسام المناعية في جسم الإنسان؛ حتى في حيوانات التجارب المولودة حديثًا، والتي لم يكتمل نمو الجهاز المناعي عندها. . .، فعندما ترضع اللبن تكتسب بعض الصفات الوراثية الخاصة بالمناعة من اللبن الذي ترضعنه، وبالتالي تكون مشابهةً لأخيها أو لأختها من الرضاع في هذه الصفات الوراثية، ولقد وُجِدَ أن تكوُّن هذه الجسيمات المناعية يمكن أن تؤديَ إلى أعراضٍ مرضيةٍ عند الإخوة في حالة الزواج. ومن هنا نجد الحكمة في هذا الحديث الشريف الذي نحن بصدده في تحريمه زواج الإخوة من الرضاع والذي حدد الرضعات بخمس رضعات مشبعات (١).
(١) الإعجاز العلمي في الإسلام (السنة النبوية) محمد كامل عبد الصمد الفصل السادس: علوم الطب. عندما قام العلماء بتحليل حليب الأم لاحظوا وجود مواد لا توجد في الحليب العادي، وتختلف من امرأة لأخرى، عندما يتجرع الطفل هذه المواد يتكون لديه أجسام مناعية بعد عدة رضعات فقط، وهذا يعني أن الطفل الذي رضع من امرأة عدة رضعات؛ فإنه يكتسب بعض الصفات الوراثية المناعية من هذه الأم لتصبح بمثابة أم له، هذه الصفات الوراثية التي اكتسبها الرضيع من المرأة تشبه تلك التي اكتسبها أولادها الحقيقيون منها ليصبحوا وكأنهم إخوة له؛ لذلك يحرم زواج الإخوة بالرضاعة لأنهم يملكون نفس الصفات الوراثية، وهذا قد يؤدي إلى أمراض وراثية خطيرة لذلك نجد الرسول الكريم -صلى اللَّه عليه وسلم- قد حرم زواج الإخوة بالرضاعة قبل أربعة عشر قرنًا، واليوم جاء العلم الحديث ليؤكد صدق كلام هذا النبي الكريم -صلى اللَّه عليه وسلم- وصدق تحريمه. =