للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الآلوسي في قوله {حُبُّ الشَّهَوَاتِ}: أي المشهيات، وجعلها نفس الشهوات إشارة إلى ما ركز في الطباع من محبتها والحرص عليها؛ حتى كأنهم يشتهون اشتهاءها كما قيل لمريض: ما تشتهي؟ فقال: أشتهي أن أشتهي، أو تنبيهًا على خستها؛ لأن الشهوات خسيسة عند الحكماء والعقلاء؛ ففي ذلك تنفير عنها وترغيب فيما عند اللَّه تعالى (١).

قلت: فيكون المعنى: لكل إنسان مشتهى في هذه الأمور التي ذكرها رب العالمين؛ فالمشتهى من المرأة ما يطلب منها، والمشتهى من البنين من الذرية وغير ذلك، والمشتهى من القناطير المقنطرة من حب الاقتناء والثروة وغير ذلك؛ وهكذا ففي كل شهوة مشتهى فيما يتمناه الإنسان وإلا؛ فلو أن الشهوة واحدة في معناها الظاهر فكيف تكون بالنسبة للقناطير المقنطرة والحرث؛ وهذه الأمور التي ذكرها رب العالمين.

[الرد على الشبهة في الآية الرابعة]

أما قوله سبحانه وتعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ. . .} (العنكبوت: ٢٩)؛ فهذه الآية متعلقة بقصة لوط عليه السلام ومعلوم -كما بينا- أن اللَّه أنكر عليهم، وعذبهم بسبب هذا الفعل؛ بل وتوعد من وقع في مثل ما وقعوا فيه فقال: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)} (هود: ٨٣).

قال ابن كثير: فيما يتعلق بالآية: يقول تعالى مخبرًا عن نبيه لوط عليه السلام، إنه أنكر على قومه سُوء صنيعهم، وما كانوا يفعلونه من قبيح الأعمال، في إتيانهم الذكران من العالمين، ولم يسبقهم إلى هذه الفعلة أحد من بني آدم قبلهم، وكانوا مع هذا يكفرون باللَّه، ويكذّبون رسوله ويخالفونه ويقطعون السبيل. (٢)

[الوجه التاسع: الشذوذ في الكتاب المقدس.]

الحب بين الرجال:


(١) روح المعاني للآلوسي (٣/ ٩٨).
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>