للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث عائشة: عن ثمامة قال: قَالَ لَقِيتُ عَائِشَةَ فَسَأَلْتُهَا عَنِ النَّبِيذِ فَدَعَتْ عَائِشَةُ جَارِيَةً حَبَشِيَّةً فَقَالَتْ: سَلْ هَذِهِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَتِ الْحَبَشِيَّةُ: كُنْتُ أَنْبِذُ لَهُ في سِقَاءٍ مِنَ اللَّيْلِ وَأُوكِيهِ وَأُعَلِّقُهُ فَإِذَا أَصْبَحَ شَرِبَ مِنْهُ. (١)

والجواب على ذلك كما يلي من عدة وجوه:

أولًا: تعريف النبيذ: عند أهل اللغة

قال ابن الأثير: النَّبِيذ: وهو ما يُعْمَلُ من الأشْرِبة من التَّمرِ والزَّبيب والعَسَل والحِنْطَة والشَّعير وغير ذلك يقال: نَبَذْتُ التَّمر والعِنَب إذا تَركْتَ عليه الماء لِيَصِيرَ نَبِيذًا فَصُرِفَ من مفعول إلى فَعِيل. وانْتبَذْتُه: اتَّخَذْتُه نَبِيذًا، وسَوَاء كان مِسْكِرًا أو غيرَ مُسْكِر فإنه يقال له نَبِيذٌ. وَيقال للخَمْر المُعْتَصَر من العنَب نَبِيذٌ. كما يقال للنَّبيذ خَمْرٌ. (٢)

وقال ابن منظور: وإِنما سمي نبيذًا لأَن الذي يتخذه يأْخذ تمرًا أو زبيبًا فينبذه في وعاء أَو سقاء عليه الماء ويتركه حتى يفور فيصير مسكرًا، والنبذ الطرح وهو ما لم يسكر حلال فإِذا أَسكر حرم. (٣)

قلت: إذن فالنبيذ اسم لكل ما ينبذ في الماء من الطعام، فإن لم يشتد ويسكر فهو حلال طيب، وإن اشتد وتخمر فأسكر فهو الحرام الخبيث.

ثانيًا: تعريفه في الشرع:

قال ابن القيم: وَهذَا النّبِيذُ هُوَ مَا يُطْرَحُ فِيهِ تَمْرٌ يُحَلّيهِ وَهُوَ يَدْخُلُ في الْغِذَاءِ وَالشّرَابِ وَلَهُ نَفْعٌ عَظِيمٌ في زِيادَةِ الْقُوّةِ وَحِفْظِ الصّحّةِ وَلَمْ يَكُنْ يَشْرَبُهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ خَوْفًا مِنْ تَغَيِّرهِ إلَى الْإِسْكَارِ. (٤)

ثالثًا: كلام العلماء على هذه الروايات وإجماعهم على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما شرب مسكرًا.


(١) أخرجه مسلم (٢٠٠٥).
(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ٧).
(٣) لسان العرب لابن منظور (٣/ ٥١١).
(٤) زاد المعاد لابن القيم (٤/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>