للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما بين القاهرة وأمريكا ١٢ ساعة. يقال المسافة بين كوكب كذا وكوكب كذا مائة سنة ضوئية.

فليس خلق البشر وهو الراكب المسرع، كخلق الله تعالى؛ لأن ما صنعه البشر قد لا يصلح في زمن من الأزمان.

[الوجه الثالث: الرد على قولهم.]

هل سيقضي المجاهدون من المسلمين الأبدية منعزلين بعضهم عن بعض، بحيث تفصل بينهم المسافات الشاسعة جدًّا؟

ونقول له:

١ - ليس في الجنة عزلة وما يتمناه المرء يدركه بمجرد التمني لا يكلف نفسه عناء الطلب وأهل الجنة يتزاورون. قال تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٥٠) قَال قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قَال هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قَال تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧)} [الصافات: ٥٠ - ٥٧].

فأخبر سبحانه وتعالى أن أهل الجنة يقبل بعضهم على بعض ويتذاكرون أمر الدنيا، ومن كان له صاحب يسأل عن صاحبه فيريه الله تعالى حاله في الآخرة.

٢ - أن في الجنة سوقًا يذهب إليه الناس يوم الجمعة، فعَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَال: إِنَّ فِي الجنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدْ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالا، فَيقُولُ لهمْ أَهْلُوهُمْ: وَالله لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالا فَيقُولُونَ: وَأنتُمْ وَالله لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا. (١)

فأين العزلة التي يتكلمون عنها؟ !


(١) مسلم (٥٠٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>