نقصانًا، كما أسقط عنها -لذات الغرض- بعض الواجبات الدينية والاجتماعية كصلاة الجمعة، وغير ذلك، وليس في هذا ما يتنافى مع مبدأ مساواتهما بالرجل في الإنسانية والأهلية والكرامة الاجتماعية، ولا تزال الشرائع والقوانين في كلِّ عصر، وفي كلِّ أمةٍ تخص بعض الناس ببعض الأحكام لمصلحة يقتضيها ذلك التخصيص دون أن يفهم منه أي مساس بمبدأ المساواة بين المواطنين في الأهلية والكرامة.
الوجه الخامس: منع الإسلام للمرأة من الرئاسة العليا ليس خدشًا لحرية المرأة
يقول د/ البوطي: نعم، لقد حجب الإسلام عن امرأة الرئاسة العليا لدولة، بذلك وردت أحاديث ثابتة، وبمقتضى ذلك قال الجماهير من الفقهاء وسائر علماء المسلمين:
إلا أن هذا ليس كما قد يتصور، خدشًا لحرية المرأة السياسية، أو غضًا من كرامتها الإنسانية، وإنما هو تنسيق بين المهام الكثيرة المختلفة للرئيس الأعلى في الدولة، وطبيعة من يتولى هذه الرئاسة، وهذا التنسيق ملاحظ في صفوف الرجال، كما هو ملاحظ في صفوف النساء.
فرئيس الدولة هو الذي يعلن الحرب، ويقود الجيوش، ويقرر السلم إن اقتضت المصلحة ذلك، أو الحرب إن اقتضت العكس، ورئيس الدولة هو الذي يتولى خطابة الجمعة في المسجد الجامع، وإمامة الناس في الصلوات، والقضاء بينهم في الخصومات، ومن المكابرة بالبديهي المحسوس أن يزعم زاعم بأن المرأة قادرة على النهوض بهذه الأعباء كلها، وأنها تملك من خشونة الطبع وصلابة العاطفة والوجدان ما تستطيع به خوض المعارك والإشراف على الحروب. وإننا لنحمد اللَّه على أنها مكابرة كاذبة تترفع عنها المرأة التي أولاها اللَّه من اللطف والعذوبة الإنسانية، ما جعلها من أكبر أسرار تعلق الإنسان بالحياة. . .
والذين يحلو لهم أن يأخذوا على الشريعة الإسلامية هذا الموقف، يعرضون عن واقع معظم دول العالم على اختلاف مذاهبها، وعن التزامها بموقف الإسلام ذاته، انطلاقًا من