ودليلنا في ذلك كما في الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَوِّذُ الحْسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ:"إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، أَعُوذُ بِكَلِماتِ الله التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ"(١).
فها هو إبراهيم - عليه السلام - كان يعيز أولاده بكلمات الله التامة، وليس بهما شيء، وأيضًا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن والحسين، فذلك من باب الرقية.
[٢ - تشبيه الوحي بالجرس]
[نص الشبهة]
كيف يشبه الوحي بالجرس وهو تشبيه محمود بمذموم كما في حديث عائشة؟ وهو مناقض أيضًا لحديث: لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس.
والرد على ذلك من وجهين:
الوجه الأول: لا يلزم في التشبيه تساوي المشبه بالمشبه به في الصفات كلها، بل يكفى اشتراكهما في صفة ما.
الوجه الثاني: المقصود هنا بيان الجنس حيث ذكر ما ألف السامعون سماعه تقريبا لأفهامهم.
فصل ذلك ابن حجر فقال:
فإن قيل: المحمود لا يشبه بالمذموم، إذ حقيقة التشبيه إلحاق ناقص بكامل، والمشبه الوحي وهو محمود، والمشبه به صوت الجرس وهو مذموم لصحة النهي عنه والتنفير من مرافقة ما هو معلق فيه والإعلام بأنه لا تصحبهم الملائكة كما أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما، فكيف يشبه ما فعله الملك بأمر تنفر منه الملائكة؟ .
والجواب: أنه لا يلزم في التشبيه تساوي المشبه بالمشبه به في الصفات كلها، بل ولا في أخص وصف له، بل يكفي اشتراكهما في صفة ما، فالمقصود هنا بيان الجنس، فذكر ما ألف السامعون سماعه تقريبا لأفهامهم. والحاصل أن الصوت له جهتان: جهة قوة وجهة طنين، فمن حيث القوة وقع التشبيه به، ومن حيث الطرب وقع التنفير عنه؛ وعلل بكونه