للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: أن يكون من صدر منه الفعل عالمًا بالتحريم:

لا حد على من لم يعلم تحريم الزنا قال عمر وعثمان وعلي: لا حد إلا على من علمه وبهذا قال عامة أهل العلم، لا تقبل دعوى الجهل بالتّحريم إلّا ممّن ظهر عليه أمارة ذلك، بأن نشأ وحده في شاهق، أو بين قوم جهّال مثله لا يعلمون تحريمه، أو يعتقدون إباحته، إذ لا ينكر وجود ذلك. فمن زنى وهو كذلك في فور دخوله دارنا لا شكّ في أنّه لا يحدّ، إذ التكليف بالأحكام فرع العلم بها، وعلى هذا يحمل قول من اشترط العلم بالتّحريم، وما ذكر من نقل الإجماع بخلاف من نشأ في دار الإسلام بين المسلمين، أو في دار أهل الحرب المعتقدين حرمته، ثمّ دخل دارنا فإنّه إذا زنى يحدّ ولا يقبل اعتذاره بالجهل، وَأَنّ الْحَدّ لَا يَجِبُ عَلَى جَاهِلٍ بِالتّحْرِيمِ لِأَنّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَأَلَهُ ماعز عَنْ حُكْمِ الزّنَى: فَقَالَ أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ حَلَالًا (١).

رابعًا: أن يكون من صدر منه الفعل مختارًا:

لا حد على مكره في قول عامة أهل العلم، رُوي ذلك عن عمر، والزهري، وقتادة، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفًا وذلك لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عفي لأمّتي عن الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه" (٢). ومن أكرهه السلطان حتى زنى فلا حد عليه (٣).

خامسًا: انتفاء الشبهة:

فمن الشروط الموجبة لحد الزنا والمتفق عليها أيضًا هي انتفاء الشبهة لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ادرءوا الحدود بالشبهات" (٤)، فلا يقام الحد إذا وُجدت شبهة، وقد تكلم الفقهاء بالتفصيل عن هذا.


(١) المغني ١٠/ ١٥٦، رد المحتار على الدرر المختار ٣/ ١٤٢، الموسوعة الفقهية ٢٤/ ٢٤.
(٢) إرواء الغليل (١٠٢٧) وقال الألباني: صحيح.
(٣) المغني ١٠/ ١٥٨، فتح القدير ٥/ ٢٧٣، الموسوعة الفقهية ٢٤/ ٣٢: ٣١.
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>