ثم يقول عنه في موضع آخر:"مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أيضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ."(متى ١٩/ ٢٨)، فأي الأقوال نصدق في حق بطرس، وجميعها منسوبة للمسيح؟
إن هذا القول "اذهب عني يا شيطان" هو ما قاله المسيح للشيطان حين كان يغريه لكي يحيد عن طريق الله كما يذكر متى ٤/ ٢٠، ولوقا ٤/ ٨.
لقد نسي كاتب إنجيل متى التوفيق بين ما سطره في صفحة واحدة، افتتحها بجعل بطرس: وكيلًا للمسيح يحل ويربط كما يشاء، لكنه ما لبث أن اختتمها بجعل بطرس أيضًا: شيطانا ومعثرة للمسيح. (١)
[٢ - هل المحايد معنا أو ضدنا؟]
ومن التناقض الذي نسبه الإنجيليون إلى المسيح - عليه السلام - ما زعمه متى أن المسيح قال لتلاميذه:"مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لَا يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ."(متى ١٢/ ٣٠).
وهذا يناقض ما ذكره مرقس عنه:"لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا."(مرقس ٩/ ٤٠)، فبأي الهديين يهتدي التلاميذ.
[٣ - ما هو موقف المسيح من أعدائه؟]
ويعود لوقا للتناقض فينسب إلى المسيح موقفين متناقضين من الأعداء، فزعم مرة أنه أمر بمحبتهم فقال:"لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ."(لوقا ٦/ ٢٧ - ٣٨).
لكنه نسب إلى المسيح مناقضة ذلك عندما ذكر -على لسانه- مثل الأمناء العشرة الذي ضربه المسيح لمملكته، وقد تمثل فيه قول الملك الذي رفضه شعبه، فقال:"أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي". " (لوقا ١٩/ ٢٧)، فأي الهديين في المعاملة مع الأعداء صدر من المسيح؟