ولما سبق، سيَّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - جيشًا من ثلاثة آلاف مجاهد بقيادة مولاه زيد بن حارثة لتأديب من قتل ممثل الإسلام والنبوة. فلقى زيد جموع الغساسنة ومعهم الروم عند مؤتة، ولا تهمنا حوادث المعركة؛ بل يهمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما رفع سيفًا بوجه الغساسنة وأسيادهم الروم إلا بعد قتل رسوله إليهم، واستعداد الحارث للسير إلى المدينة المنورة لحرب الإسلام في عاصمة الإسلام، فكانت سرية مؤتة عملًا دفاعيًا.
تبوك: بلغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الروم تجمعوا على حدود فلسطين لقتال المسلمين ومعهم بعض القبائل العربية المتنصِّرة، فدعا المسلمين للخروج إليهم قبل أن يغزوهم في عقر دارهم. وبالفعل فقد وصل - صلى الله عليه وسلم - تبوك وأقام فيها أيامًا، فصالحه أهلها بعد انسحاب الجيش الرومي باتجاه الشمال، وصالح أمير دومة الجندل وأيلة وعاد دون سفك دماء.
وهكذا فإن مسير النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك كان لأسباب مشروعة جلية.
وصفوة القول لقد خاض النبي - صلى الله عليه وسلم - حروبًا عادلة بعد أن وضع السلم أساسًا لسياسته والحرب للدفاع، وكان الحفاظ على الأرواح أمله، وكان تأديب الظالم المغرور بأقل دماء هدفه، وكان التسامح منطبعًا في ذاته وهو غايته.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - القدوة الحسنة والأسوة لمن بعده في الجهاد.
[الوجه الثالث: نبذ الإسلام العنف واستخدامه الحوار]
وفي مجال الدعوة إلى الله نجد أن الإسلام ينبذ العنف لأن الدعوة الإسلامية تستهدف البدء بتغيير النفس، وإعادة صياغة الإنسان قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}(الرعد: ١١).
وتغيير ما بأنفسهم وما بداخلهم لا يتأتى بالإكراه أو العنف؛ لأن العنف يؤدي إلى النفاق، فإذا استعملت العنف في الدعوة أكرهت الآخرين، فأنت تكسب بذلك منافقًا لا