للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الخامس: إن اتفق شيء مما تبقى من عقائد وشرائع الأنبياء السابقين مع الوجود في القرآن الكريم فهو من أدلة وحدة مصدرها، وإن تفوق القرآن الكريم عليها بكونه كله قطعي الثبوت.

أما الجاحدون من أهل الكتاب - لا سيما دعاة النصرانية في هذا الزمان - فهم يقولون فيما وافق القرآن به كتبهم: إنه مأخوذ منها بدليل موافقته لها، وفيما خالفها: إنه غير صحيح بدليل أنه خالفها، وفيما لم يوافقها ولم يخالفها به: إنه غير صحيح؛ لأنه لم يوجد عندنا، وهذا منتهى ما يُكابر به مُناظِرٌ مناظرًا، وأبطل ما يرُدُّ به خصمٌ على خصم (١).

الوجه السادس: لم يصدر عن أيٍّ من ملوك النصارى العرب، أو الروم، أو القبط، أو الأحباش؛ الذين وصلتهم رسالة الإسلام، أن ما في القرآن الكريم مستفاد مستقىً من عندهم.

الوجه السابع: هل كان لدى ورقة بن نوفل أي حصيلة علمية أو معرفية، تؤهله ليكون مصدر القرآن الكريم؟ فقد ظل فترة طويلة على الشرك فقصر الوقت الذي شاهدهما فيه، فما في القرآن من عقائد وشرائع وقصص تحتاج إلى فترة زمنية طويلة، بل المنطق يقول: إن أي إنسان عادي لن يستطيع تأليف قوانين وشرائع مماثلة لتلك الموجودة في القرآن الكريم إلا بعد مكث سنوات طويلة من التعلم.

فقد كان عمره - صلى الله عليه وسلم - عندما قابل بحيرا أول مرة تسعة أعوام، ولما تاجر لخديجة كان عمره خمسة وعشرين عامًا، وفي الأولى كان معه عمه، وفي الثانية ميسرة غلام خديجة (٢).

الوجه الثامن: عدم موافقة القرآن لعقيدة النصارى. ففي القرآن الكريم آيات لا توافق عقيدة المسيحية فكيف يكتبها ورقة؟ فعلى سبيل المثال: إذا كان القرآن مصدره ورقة، وورقة شخص نصراني فكيف ينكر القرآن صلب المسيح؟ .

أيضًا في القرآن الكريم آيات لا توافق اليهود ومعتقداتهم وآيات تندد بهم، فكيف يكون كاتبها يهودي؟ وإذا كان معلم الرسول يهوديًا فكيف اعترف محمد بنبوة عيسى؟


(١) تفسير المنار محمد رشيد رضا ٣/ ٢٤٩.
(٢) الكامل في التاريخ لابن الأثير ١/ ٢٣، والبداية والنهاية لابن كثير ٢/ ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>