للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ آيَةُ الرِّبَا. (١)

أورد البخاري هذا الحديث هنا؛ لأنه أَرَادَ أَنْ يَجْمَع بَيْن قَوْلَيْ اِبْن عَبَّاس، فَإِنَّهُ جَاءَ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْوَجْه، وَجَاءَ عَنْهُ مِنْ وَجْه آخَر: آخِر آيَة نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: ٢٨١]. (٢) (٣)

وَاعْتَرَضَهُ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: هَذَا إِمَّا أَنْ يَكُون وَهْمًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُون اِخْتِلَافًا عَنْ اِبْن عَبَّاس، لِأَنَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي التَّفْسِيرِ عَنْهُ فِيهِ التَّنْصِيصُ عَلَى أَنَّ آخِرَ آيَةٍ نَزَلَتْ قَوْله تَعَالَى {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}. الْآيَةَ، قَالَ: فَلَعَلَّ النَّاقِلَ وَهِمَ لِقُرْبِهَا مِنْهَا.

وَتَعَقَّبَهُ اِبْن التِّين بِأَنَّهُ هُوَ الْوَاهِمُ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْآيَاتِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}. (٤)، وَهِيَ آخِر آيَةٍ ذَكَرَهَا لِقَوْلِهِ إِلَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}، وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ أُنْزَلَتْ.

وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ بِذِكْرِ هَذَا الْأَثَرِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ تَفْسِير قَوْل عَائِشَة: (لمَّا نَزَلَتْ الْآيَاتُ مِنْ آخِر سُورَةِ الْبَقَرَةِ). (٥)

القول الثاني: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: ٢٨١].

عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: آخر شيء نزل من القرآن {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}. (٦)

واعترض الداودي على القول الأول وقال: هَذَا إِمَّا أَنْ يَكُون وَهْمًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُون اِخْتِلَافًا عَنْ اِبْن عَبَّاس، لِأَنَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي التَّفْسِيرِ عَنْهُ فِيهِ التَّنْصِيصُ عَلَى أَنَّ


(١) رواه البخاري (٤٥٤٤).
(٢) رواه النسائي في الكبرى (١١٠٥٧) ثنا الحسين بن حريث، نا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، وإسناده صحيح إلى ابن عباس.
(٣) فتح الباري (٨/ ٥٣).
(٤) فتح الباري (٨/ ٥٢).
(٥) السابق (٤/ ٣٦٨).
(٦) رواه النسائي في الكبرى (١١٠٥٧)، وقد سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>