للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه مسألة مجمع عليها بين علماء أهل السنة والجماعة وقد نقل الإجماع فيها الحافظ ابن حجر، وابن قدامة، وابن كثير، وابن حزم، إلا ما استنفره من لا حظ له في الإسلام، أو رافضي ونحوه، ومن أسلم وتحته أكثر من أربع أُمِرَ بفراق ما زاد على الأربع، ولا يشترط أن يفارق الأخريات بعينهن أو الأوليات، بل يفارق مَنْ شاء بشرط ألا يزيد ما تحته على أربع نسوة.

أما إذا كان مسلمًا وعنده أربع نسوة وعقد على خامسة أُمر بفراقها؛ لأن عقدها فاسد إلا إذا طلق إحدى الأربع وانقضت عدتها. (١)

[الضابط الرابع]

عدم الجمع بين الأختين، أو البنت وعمتها، أو خالتها، نسبًا أو رضاعًا لقوله تعالى:

{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (النساء: ٢٣).

وعن زَيْنَبَ ابْنَة أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّه انْكِحْ أختي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ. فَقَالَ: أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ؟ . فَقُلْتُ: نَعَمْ؛ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي في خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَالَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لي، قُلْتُ: فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي في حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ". (٢)

ويدخل في هذا منع الشرع من الزواج بالمحرمات نسبًا أو رضاعًا من باب أولى.

وقال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: كان أهل الجاهلية يحرمون ما يحرم إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين، قال: فأنزل اللَّه -عزَّ وجلَّ-: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} (النساء: ٢٢، ٢٣). (٣)


(١) فتح الباري ٩/ ٤٢، والمحلى ٩/ ٤٤١، والأم ٥/ ١٦٤.
(٢) البخاري (٥١٠١)، ومسلم (١٤٤٩).
(٣) الطبري ٨/ ١٣٢، وإسناده صححه الشيخ مصطفى العدوي في جامع أحكام النساء ٣/ ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>