للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجمع بين الأختين حرام بالإجماع، سواءٌ كانتا شقيقتين، أَمْ من أب، أَمْ من أُمّ، وسواء الرضاع والنسب، وإذا كان بملك اليمين فالجمهور وفقهاء الأمصار على المنع.

قال الشافعي: ولا يجمع بين الأختين أبدًا بنكاح ولا وطء ملك، وكل ما حرم من الحرائر بنسب أو رضاع حرم من الإماء مثله إلا العدد؛ والعدد ليس من النسب والرضاع بسبيل، فإذا نكح امرأة ثم نكح أختها فنكاح الآخرة باطل ونكاح الأولى ثابت وسواء دخل بها أو لم يدخل بها ويفرق بينه وبين الآخرة. (١)

حتى إن من أسلم وتحته أختان خُيِّرَ فَيُمْسِكَ إحداهما ويطلق الأخرى لا محالة. (٢)

وكما أنه لا يجمع بين الأختين، يحرم عليه أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها.

فعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها" (٣).

والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يعلم بينهم اختلاف أنه لا يحل للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها، أو خالتها، فإن نكح امرأة على عمتها، أو خالتها، أو على بنت أخيها، أو أختها، فنكاح الأخرى منها مفسوخ وبه يقول عامة أهل العلم. (٤)

فأيتهما نكح أولًا ثم نكح عليها أخرى فسد نكاح الآخرة، ولو نكحهما في عقدة واحدة كانت العقدة مفسوخة وينكح أيتهما شاء بعد. (٥)

وممن نقل الإجماع في هذه المسألة على التحريم ابن عبد البر، والقرطبي، والنووي، وابن حزم، واستثنى بعض العلماء الخوارج والشيعة ولا عبرة بخلافهم لأنهم يَرَدُّون الأحاديث. (٦)


(١) الأم ٣/ ١٥٠، وانظر تفسير الطبري للآية المذكورة.
(٢) ابن كثير ١/ ٤٧٢، وانظر: المغني ٦/ ٥٧١، وزاد المعاد ٥/ ١٢٥.
(٣) البخاري (٥١٠٩)، ومسلم (١٤٠٨).
(٤) سنن الترمذي (٣/ ٤٢٤).
(٥) الأم ٣/ ١٥٠، وانظر: المحلى ٩/ ٥٢١، وزاد المعاد ٥/ ١٢٧.
(٦) فتح الباري ٩/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>