خلعوا أمير المؤمنين، وفارقوا جماعة المسلمين، ونصبوا لنا حربًا فأطفأها الله عليهم، وأمكننا منهم، وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي النهى والدين، فشهدوا عليهم بما رأوا وعلموا، وقد بعثت إلى أمير المؤمنين، وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في أسفل كتابي هذا".
فلما قرأ الكتاب قال: ما ترون في هؤلاء؟ فقال يزيد بن أسد البجلي: أرى أن تفرقهم في قرى الشام، فتكفيكهم طواغيتها، ودفع وائل كتاب شريح إليه، فقرأه وهو:
(بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله معاوية أمير المؤمنين، من شريح بن هانئ، أما بعد؛ فقد بلغني أن زيادًا كتب إليك بشهادتي على حجر، وإن شهادتي على حجر أنه ممن يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويأمر بالمعروف، وينهى عن النكر، حرام المال والدم، فإن شئت فاقتله، وإن شئت فدعه).
وكتب معاوية إلى زياد بحيرته في أمر حجر وأصحابه، وزياد يرد عليه بطلب عقابهم فقرأ كتابه على وائل، وقال: ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم. فحبس القوم بعد هذا، وكتب إلى زياد:(أما بعد؛ فقد فهمت ما اقتصصت من أمر حجر وأصحابه والشهادة عليهم، فأحيانًا أرى أن أقتلهم أفضل، وأحيانًا أرى أن العفو أفضل من قتلهم).
فكتب زيادٌ إليه مع يزيد بن حجية التيمي: قد عجبت لاشتباه الأمر عليك فيهم مع شهادة أهل مصرهم عليهم، وهم أعلم بهم؛ فإن كانت لك حاجةٌ في هذا المصر فلا تردن حجرًا وأصحابه إليه.
فمر يزيد بحجر، وأصحابه فأخبرهم بما كتبه زياد، فقال له حجر: أبلغ أمير المؤمنين أنا على بيعته لا نقيلها، ولا نستقيلها، وإنما شهد علينا الأعداء والأظناء.
فقدم يزيد بن حجية على معاوية بالكتاب، وأخبره بقول حجر.
فقال معاوية: زياد أصدق عندنا من حجر. وكتب جرير بن عبد الله في أمر الرجلين اللذين من بجيلة، فوهبهما له وليزيد بن أسد، وطلب وائل بن حجر في الأرقم الكندي، فتركه