للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثاني: نظرة الإسلام للرق.]

١ - الرق مقيد للحرية التي هي الأصل، حيث خلق اللَّه الإنسان عليها.

ففي قوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣)} والفك: هو حل القيد، والرق قيد، وسمى المرقوق رقبة، لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته وسمي عنقها.

قال حسان:

كم مِن أسيرٍ فككناه بلا ثَمنٍ ... وجَزّ ناصية كُنّأ مَواليها (١)

فعتق الرقيق: هو الخروج من ذل الرق إلى كرم الحرية.

٢ - الرق يُشبه الموت من وجه:

قال تعالى عن كفارة القتل: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}، فمن أخرج نفسًا مؤمنة من جملة الأحياء لزمه أن يدخل نفسًا مثلها في جملة الأحرار؛ لأن إطلاقها من قيد الرق كإحيائها، من قبل أن الرقيق ملحق بالأموات، إذ الرق أثر من آثار الكفر، والكفر موت حكمًا، {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} ولذا منع من تصرف الأحرار. (٢)

[٣ - الرق في الإسلام مجرد مسئولية توضع على العبد تجاه سيده، لا أنها سيطرة مطلقة من السيد على عبده]

فعند النظر للحقوق التي أعطاها الإسلام للأرقاء -وهذا ما سيأتي بيانه- نرى أن العبد قد شارك الحر في كثير من الحقوق، بالإضافة إلى أنه قد كُفل له طعامه وشرابه وأمنه ومتطلباته في بيت سيده، وكأن العمل الذي يعمله في هذا البيت يتقاضى عليه؛ تلك الراحة التي كُفلت له.


(١) تفسير القرطبي (٢٠/ ٦٨).
(٢) البحر المحيط (٤/ ٢٣٩) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>