للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللحديث طريق ثالثة: عن هند بنت الحارث به. (١) وإسناده إليها صحيح ولكنه مرسل، ولا يقال: إن هذا يقويه ما قبله، لأن الروايات الثلاث تنتهي إلى هند بنت الحارث.

والوجه الثاني: وهو على فرض صحة الرواية فليس فيها هذا الشرخ المزعوم ولا ما في معناه من ضعف العلاقة بين عائشة والنبي -صلى الله عليه وسلم-، وغاية ما فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سكت في هذه الرواية، ولكنه صرح في غيرها أن أحب الناس إليه عائشة، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة سبق ذكرها. وكما هو معلوم أن من أراد السلامة في باب من أبواب العلم لا ينهي البحث فيه حتى يجمع كل الروايات الخاصة به في غالب ظنه، ثم يجمع بينها ويبني على ذلك الجمع أو الترجيح عقيدته ولا يلتقط نصًا واحدًا ويدع نصوصًا كثيرة أوضح منه وأصرح.

الوجه الثالث: أن هذا السؤال على فرض صحته أيضًا ربما كان في حضرة أم سلمة فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- لئلا ينكسر قلبها في أول زواجه بها، ومما يؤيد ذلك أنها ذكرت للنبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يتزوجها أنها تغار، ومما يخفف الغيرة أن لا يتحدث الرجل كثيرًا عن حبه لإحدى الزوجتين أمام الأخرى حفاظًا على قلبها، فلو صحت الرواية لكنا أسعد الناس بها.

[الوجه الرابع: معرفة النبي -صلى الله عليه وسلم- بغيرة أم سلمة فسكت مراعاة لذلك، وإليك هذه الرواية]

عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها، إلا أخلف الله له خيرا منها"، قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: أرسل إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له، فقلت: إن لي بنتا وأنا غيور، فقال: "أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة" (٢).


(١) ضعيف. أخرجه البلاذري في أنساب الأشراف باب أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من طريق عمرو بن محمد الناقد، ثنا سفيان، عن معمر، عن الزهري، عن هند بنت الحارث به، وهذا إسناد صحيح إلى هند لكنه مرسل، وهند بنت الحارث ثقة من الثالثة. التقريب (٨٦٩٥).
(٢) أخرجه مسلم (٩١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>