للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال عبد الله بن المبارك: ينزل كيف شاء.

قال أبو عثمان النيسابوري: فلما صح خبر النزول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر به أهل السنة، وقبلوا الحديث، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعتقدوا تشبيها له بنزول خلقه، وعلموا، وعرفوا، واعتقدوا، وتحققوا أن صفات الرب لا تشبه صفات الخلق، كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق سبحانه وتعالى عما يقول المشبهة والمعطلة علوًا كبيرًا.

وعن إسحاق بن راهويه قال: جمعني وهذا المبتدع - يعني ابن صالح - مجلس الأمير عبد الله بن طاهر فسألني الأمير عن أخبار النزول؟ فثبتها، فقال إبراهيم: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء، فقلت: آمنت برب يفعل ما يشاء، فرضي عبد الله كلامي، وأنكر على إبراهيم. (١)

الوجه الثاني: لا يُسأل عن كيفية النزول.

فمن سأل عن كيفية نزول الرب فنقول له: كيف هو في ذاته؟ فعندئذ لا يستطيع أن يتكلم؛ لأن القول في الصفات كالقول في الذات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: القول في الصفات كالقول في الذات، فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل سائر الصفات.

فإذا قال السائل: كيف استوى على العرش؟

قيل له: كما قال ربيعة ومالك وغيرهما - رضي الله عنهم -: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة.

لأنه سؤال عما لا يعلمه البشر، ولا يمكنهم الإجابة عنه.

وكذلك إذا قال: كيف ينزل ربنا إلى السماء الدنيا؟ قيل له: كيف هو؟

فإذا قال: لا أعلم كيفيته.


(١) العقيدة الأصفهانية ص ٤٩: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>