للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى الصلاة يفتح له أبواب الوساوس. (١)

٢ - قَالَ اِبْن الجَوْزِيّ: عَلَى الْأَذَان هَيْبَةٌ يَشْتَدّ اِنْزِعَاجُ الشَّيْطَان بِسَبَبِهَا، لِأنَّهُ لَا يَكَاد يَقَعُ فِي الْأَذَان رِيَاء وَلَا غَفْلَةٌ عِنْدَ النُّطْق بِهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاة، فَإِنَّ النَّفْس تَحْضُرُ فِيهَا فَيَفْتَحُ لَهَا الشَّيْطَان أَبْوَاب الْوَسْوَسَة.

قَالَ اِبْن بَطَّالٍ: يُشْبِه أَنْ يَكُونَ الزَّجْرُ عَنْ خُرُوجِ المرْءِ مِنْ المسْجِد بَعْدَ أَنْ يُؤَذِّنَ المُؤَذِّنُ مِنْ هَذَا المَعْنَى، لِئَلَّا يَكُونَ مُتَشَبِّهًا بِالشَّيْطَانِ الَّذِي يَفرُّ عِنْدَ سَمَاع الْأَذَان (٢).

[الوجه الرابع: إثبات أن الجن يأكلون ويشربون ويتغوطون]

غالب ما يسكن الجن في مواضع المعاصي، والنجاسات، كالحمامات والحشوش والمزابل، فعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ الحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ فَإِذَا أتَى أَحَدُكُمْ الخَلَاءَ فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِالله مِن الْخُبُثِ وَالخَبَائِثِ". (٣)

والمحضرة: مكان حضور الجن والشياطين.

وقد جاءت الآثار بالنهي عن الصلاة في هذه الأماكن، ومن أزواد الجن العظام، ففي الحديث: أن الجن سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزاد، فقال: "كُلُّ عَظْمٍ يُذْكَرُ اسْمُ الله عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ، أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحمًا وَكُلُّ بَعْرَةٍ أَوْ رَوْثَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ". (٤)

وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُستنجى بالعظم والروث، وقال: إنه زَادُ إِخْوَانِكُمْ الجِنِّ. (٥)

إذا ثبت ذلك فلا مانع أن يدبر الشيطان حينما يسمع الأذان وله ضراط كما ثبت في الحديث.

الوجه الخامس: فضل الأذان، وأنه يطرد الشياطين.


(١) عمدة القاري ٥/ ١١٢، شرح النووي ٢/ ٣٢٨.
(٢) فتح الباري ٢/ ١٠٤.
(٣) سنن أبو داود (٦)، الحاكم في المستدرك ١/ ١٨٧، وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الصحيحة (١٠٧٠).
(٤) الترمذي (٣٢٥٨) وقال: حديث حسن صحيح.
(٥) مسلم (٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>