للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومرضاتكم أهل البيت، ثم ترضاها حتى رضيت). (١)

قال ابن كثير: وهذا إسناد جيد قوي. والظاهر أن الشعبي سمعه من علي أو ممن سمعه من علي -رضي اللَّه عنه-. (٢)

وقال ابن حجر: وهو وإن كان مرسلًا فإسناده إلى الشعبي صحيح، وبه يزول الإشكال في جواز تمادي فاطمة عليها السلام على هجر أبي بكر. (٣)

وقال أيضًا: فإن ثبت حديث الشعبي أزال الإشكال وأخلق بالأمر أن يكون كذلك، لما علم من وفور عقلها ودينها، عليها السلام. (٤)

على أن الذي ذكره العلماء أن فاطمة -رضي اللَّه عنها- لم تتعمد هجر أبي بكر -رضي اللَّه عنها- أصلًا، ومثلها ينزه عن ذلك لنهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الهجر فوق ثلاث، وإنما لم تكلمه لعدم الحاجة لذلك.

قال القرطبي في سياق شرحه لحديث عائشة المتقدم، ثم إنها (أي فاطمة) لم تلتق بأبي بكر لشغلها بمصيبتها برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولملازمتها بيتها فعبر الراوي عن ذلك بالهجران، وإلا فقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث". (٥)، وهي أعلم الناس بما يحل من ذلك ويحرم، وأبعد الناس عن مخالفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كيف لا يكون كذلك وهي بضعة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وسيدة نساء أهل الجنة. (٦)

وقال النووي: وأما ما ذكر من هجران فاطمة أبا بكر -رضي اللَّه عنه- فمعناه انقباضها عن لقائه، وليس هذا من الهجران المحرم، الذي هو ترك السلام والإعراض عند اللقاء، وقوله في هذا الحديث (فلم تكلمه) يعني في هذا الأمر، أو لانقباضها لم تطلب منه حاجة ولا


(١) السنن الكبرى للبيهقي (٦/ ٣٠١).
(٢) البداية والنهاية (٥/ ٢٥٣).
(٣) فتح الباري (٦/ ٢٠٢).
(٤) المصدر نفسه.
(٥) البخاري (٦٠٧٧)، ومسلم (٢٥٦٠).
(٦) المفهم (٣/ ٥٦٨ - ٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>