إن التقدم لا يقاس بالمظاهر الخارجية، مثل اللباس والبناء والدواب، والزخارف وغيرها من الأمور الظاهرية، والذي يقيس تقدم المجتمعات بهذه المظاهر الخارجية، فإنه فاقد للموضوعية والمنطق.
والحضارة كلمة تطلق على مجموع الأخلاق والسلوك والقيم لأمة من الأمم، أما المظاهر الخارجية فلا علاقة لها بالحضارة، بل هي من المدنية.
يقول د/ جلال الدين عبد الرحمن: ومما يلزم تغييره جذريًا، ويجب على الأمة أن تبتره من مجتمعاتها سفور المرأة وتبرجها في الطرقات، وكشف عوراتها للناس بدون حياء، غير مكترثة بالأخلاق، ولا متعظة بالأموات، ولا متأثرة بقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}(الأحزاب: ٥٩)، وإذا سألناهن عما دفع بهن إلى هذا -زعمت صويحبات يوسف- أن المدنية والمصلحة تقضي أن تتطور المرأة، ولا تتخلف عن ركب الحضارة.
بئست الحضارة هذه التي حطت من قيمة المرأة، بل جعلتها سلعة رخيصة يعف عليها الذباب، تعافها النفوس الأبية، وتنهشها الكلاب الضارية.
ولتحقيق ما أقول فلنستحضر في فكرنا ما نشاهده في الطرقات مما يتعرض له من المعاكسات، وما نراه في مكاتب الموظفين والموظفات، وما يتبادلونه من عبارات تجردت من الحياء، وأصبحت وباء تفر منه الحيية، وتسعد به الخبيثة الدنية، وصدق شوقي إذ يقول:
خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء. (١)
[الوجه الثاني: ما هي علاقة الحجاب بالتقدم؟]
والجواب الذي يمليه الفكر الموضوعي المتحرر من الأسبقيات، هو أنه لا تبدو أي علاقة بين الحجاب الذي شرعه اللَّه وبين التخلف، كما أنه لا توجد أي علاقة بينه وبين التقدم، فلم يكن يومًا ما شكل الثوب الذي ترتديه المرأة، أو نظامه، طولًا وقصرًا، أو