للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حدثتم عني بحديثٍ يوافقُ الحق فخذوا به حدثتُ به أو لم أحدث" (١).

[الوجه الثاني: أنه مخالف لما عليه أبو هريرة من التشديد في رواية الحديث.]

ومما يدل على ضعف ونكارة ما قالوه، أن أبا هريرة كان يشدد في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "تَسَمَّوْا باسمي وَلا تَكتَنُوا بكنيتي، وَمَنْ رآني فِي المنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ في صُورَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (٢).

[الشبهة الخامسة عشر: حول مناصرة أبي هريرة للأمويين]

يقولون: إن أبا هريرة كان يناصر الأمويين وكان يتحدث بفضائلهم، وأن معاوية بن أبي سفيان حمله على أن يتكلم بكلام قبيح في علي - رضي الله عنه - تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وقال: لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة؛ فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه، ثم ضرب صلعته مرارًا! ! وقال: يا أهل العراق،


(١) منكر. أخرجه العقيلي في الضعفاء (٦٣) والهروي في ذم الكلام (٤/ ٧٨/ ٢)، وابن حزم في الأحكام (٢/ ٧٨) من طريق أشعث بن براز، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة مرفوعًا، والدارقطني في سننه (١٨)، والخطيب في تاريخ بغداد (١١/ ٣٩١)، والطحاوي في مشكل الآثار (٥٢٩٨) كلهم عن يحيى بن آدم: حدثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا، وأخرجه أحمد ٢/ ٤٨٣، والبزار في كشف الأستار (١٢٦)، عن أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا. والحديث لا يصح، أخرجه العقيلي (١/ ٣٢ ترجمة ١٤ أشعث بن براز) وقال: ليس لهذا اللفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إسناد يصح، وللأشعث هذا غير حديث منكر، وأورده ابن الجوزى في الموضوعات من طريق العقيلى (١/ ٤٢٠، رقم ٥٠٠) ثم قال: قال يحيى بن معين: إن هذا الحديث وضعته الزنادقة، وقال الخطابي: هو باطل لا أصل له، والذهبي في الميزان (١/ ٤٢٥، ترجمة ٩٩٦ أشعث بن براز الهجيمي) وقال: منكر جدًّا.
وهذا الحديث جاء من طرق كثيرة عن أبي هريرة، وقد تكلم عنها الألباني رحمه الله وعن شواهده في السلسلة الضعيفة رقم (١٠٨٣: ١٠٩٠) وقال رحمه الله: وجملة القول: أن هذه الأحاديث الأربعة عن أبي هريرة ليس فيها شيء يصح، وهي تدور على ثلاث طرق عنه، فالأوليان منها ليس لها إلا إسناد واحد، وفيها متهم ومتروك، والأخرى لها ثلاثة أسانيد، تدور كلها على سعيد بن أبي سعيد المقبري وهي كلها ضعيفة وبعضها أشد ضعفا من بعض كما سبق بيانه، ولهذا قال الشوكاني في (الفوائد) عقب هذه الطرق: وبالجملة، فهذا الحديث بشواهده لم تسكن إليه نفسي ... ، وإني أظن أن ابن الجوزي قد وفق للصواب بذكره في موضوعاته.
(٢) البخاري (١١٠) مسلم (١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>