للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه قال محمد الثروة الكثرة والمنعة. (١)

[الوجه الثاني: معنى الحكم والعلم الذي أعطيه لوط - عليه السلام -.]

التعريف بنبي الله لوط - عليه السلام -: هو: لوط بن هاران بن تارح - وهو آزر - ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل فإبراهيم وهاران وناحور أخوة.

وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له، وإذنه، فنزل بمدينة سدوم من أرض غور زغر وكان أمّ تلك المحلة ولها أرض، ومعتملات وقرى مضافة إليها ولها أهل من أفجر الناس وأكفرهم وأسوأهم طوية وأردأهم سريرة وسيرة يقطعون السبيل ويأتون في ناديهم المنكر ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون. ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم وهي إتيان الذكران من العالمين وترك ما خلق الله عن النسوان لعباده الصالحين.

فدعاهم لوط إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات والفواحش المنكرات والأفاعيل المستقبحات، فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم، واستمروا على فجورهم وكفرانهم، فأحل الله بهم من البأس الذي لا يرد ما لم يكن في خلدهم وحسابهم، وجعلهم مثلة في العالمين، وعبرة يتعظ بها الألباء من العالمين. (٢)

وأما الحكم والعلم الذي أوتيه لوط - عليه السلام -:

قال الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (٧٤) يقول تعالى ذكره: وآتينا لوطا حكمًا، وهو فصل القضاء بين الخصوم، وعلما: يقول: وآتيناه أيضًا علمًا بأمر دينه، وما يجب عليه لله من فرائضه. وقوله {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} يقول: ونجيناه من عذابنا الذي أحللناه بأهل القرية التي كانت تعمل الخبائث،


(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٦٠٥)، والترمذي (٣١١٦)، وابن حبان (٦٢٠٦)، وصححه الألباني في الصحيحة (١٦١٧).
(٢) قصص الأنبياء (٢٢٨) لابن كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>