للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، قَالوا: يَا رَسُولَ الله، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَال: أَنْ تَسْكُتَ" (١).

قال ابن القيم: فهذا خبر في معنى الأمر على إحدى الطريقتين، أو خبر محض، ويكون خبرًا من حكم الشرع، لا خبرًا عن الواقع، وهي طريقة المحققين. فقوله (حتى تستأمر)، أصل الاستئمار طلب الأمر، فالمعنى لا يعقد عليها حتى يطلب الأمر منها، ويؤخذ من قوله تستأمر أنه لا يعقد إلا بعد أن تأمر بذلك، وليس فيه دلالة على عدم اشتراط الولي في حقها، بل فيه إشعار باشتراطه. وقوله (ولا تنكح البكر حتى تستأذن) هنا للتفرقة بين الثيب والبكر، فعبر للثيب بالاستئمار وللبكر بالاستئذان، فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكيد المشاورة وجعل الأمر إلى المستأمرة، ولهذا يحتاج الولي إلى صريح إذنها في العقد، فإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقا والبكر بخلاف ذلك، والإذن دائر بين القول والسكوت بخلاف الأمر فإنه صريح في القول وإنما جعل السكوت إذنا في حق البكر لأنها قد تستحي أن تفصح (٢).

ومما يؤكد أن للمرأة الحق في اختيار زوجها، ما رواه البخاري: عن خنساء بنت خذام الأنصارية: أن أباها زوجها وهي ثيب، فكرهت ذلك، فأتمت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد نكاحها (٣).

٤ - العدل: العدل بين الأبناء ذكورًا وإناثًا من إقامة شرع الله عز وجل في أرضه، وإقامة سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وخاصة العدل للنساء، لأن حقهن عادة مهضوم، ويظلمن غالبًا من قبل الآباء وخاصة في الميراث (٤)، وقد قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (النساء ١١)، وقال تعالى في آخر السورة: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ


(١) البخاري (٥١٣٦).
(٢) فتح الباري (٩/ ٩٩).
(٣) البخاري (٦٩٤٥).
(٤) انظر: بحث ميراث المرأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>