للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجالًا حديثي عهد بكفر أتألفهم" ووقع في حديث أنس الآتي في - باب قسم الغنائم في قريش، والمراد بهم من فتحت مكة وهم فيها (١).

[الحكمة من إعطائهم]

أُعْطُوا تَثْبِيتًا لإسلامهم، أو اسْتِكْفَاءً لِشَرِّهِمْ وَاسْتِعَانَةً لِلْمُجَاهِدِينَ المُحَارِبِينَ بِهِمْ كما قال ابن العربي، وقد تقدم، وقد ذكر ابن الجوزي جواز إعطاء المؤلفة قلوبهم لحفظ العرض (٢).

والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد كان يتألف قلوب أولئك القوم من الصدقات ومن غيرها (٣).

فالعلة في إعطاء المؤلف من الزكاة ليست إعانته لنا حتى يسقط ذلك بفشوِّ الإسلام وغلبته، بل المقصود مِنْ دفعها إليه ترغيبه في الإسلام، وإنقاذ مهجته من النار، فبقاء سهم المؤلفة من أجل هذه الحاجة يعد وسيلة من وسائل الدعوة (٤).

والخلاصة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتألف قلوب بعض الناس بالعطاء دفعًا لشرهم، أو أملًا في نفعهم، أو رجاء هدايتهم (٥).

[الوجه الثاني: هل حكم المؤلفة قلوبهم باق بعد ظهور الإسلام أم نسخ؟]

والصحيح أن هذا الحكم غير منسوخ، وأن للإمام أن يتألف قومًا على هذا الوصف ويدفع إليهم سهم المؤلفة، لأنه لا دليل على نسخه البتة. (٦)

وقد قيل: إنّ الصحابة أجمعوا على سقوط سهم المؤلّفة قلوبهم من عهد خلافة أبي بكر؛ حكاه القرطبي. ولا شكّ أن عمر قَطع إعطاء المؤلّفة قلوبهم -مع أنّ صنفهم لا يزال موجودًا-، رأى أنّ اللَّه أغنى دين الإسلام بكثرة أتْباعه، فلا مصلحة للإسلام في دفع


(١) فتح الباري (٨/ ٤٨ - ٤٩)، وشرح النووي (١/ ٢٧٥).
(٢) كشف المشكل (١/ ١٠٨).
(٣) مشكل الآثار (١٢/ ٧٠).
(٤) حاشية الصاوي على بلغة السالك (١/ ٢٣٢).
(٥) التفسير الوسيط (١/ ١٩٨١)، وانظر: فقه الزكاة للقرضاوي (١/ ١٥٢).
(٦) تفسير الرازي (٨/ ٧٤)، وانظر: زاد المسير (٣/ ١٩٥)، وفتح القدير (٣/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>