للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقع على النوعين (١).

وقال أيضًا: المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره، والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير نكير عليه، بخلاف الأجنبي، وقال عياض: معناه أن الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين، فجعله كهلاك الموت وأورد الكلام مورد التغليظ.

وقال القرطبي: المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة، أي فهو محرم معلوم التحريم، وإنما بالغ في الزجر عنه، وشبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة لإلفهم بذلك؛ حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة؛ فخرج هذا مخرج قول العرب (الأسد الموت والحرب الموت) أي لقاؤه يفضي إلى الموت، وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة (٢).

قال ابن عبد البر: بعد ذكر الآثار في معنى هذا: وهذه آثار ثابتة بالنهي عن ذلك ومحال أن يأتي رسول - صلى الله عليه وسلم - ما ينهى عنه. (٣)

[الوجه الرابع: أن هذا الفعل فيه خيانة قلبية، وقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه خائنة الأعين، وهو من التطلع إلى ما متع به غيره وهو من الحسد المذموم.]

قال أبو بكر بن العربي: الله تعالى يقول: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (طه: ١٣١)، وأعظم ما يمتع به النساء، وهو يخبر عن نفسه وجنسه الكرام: "ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين" (٤)، وهي


(١) شرح النووي ١٤/ ١٥٤.
(٢) فتح الباري (٩/ ٣٣١، ٣٣٢).
(٣) التمهيد (١/ ٢٢٨).
(٤) رواه الحاكم (٤٣٦٠)، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>