للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البينة؟ فجعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: البيِّنة أو حد في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن اللَّه ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل فأنزل اللَّه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فقرأ حتى بلغ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (١).

ثانيًا: تفسير الآية.

قال ابن كثير: هذه الآية الكريمة فيها فَرَج للأزواج وزيادة مخرج؛ إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة أن يلاعنها كما أمر اللَّه -عزَّ وجلَّ-، وهو أن يحضرها إلى الإمام، فيدَّعي عليها بما رماها به، فيحلفه الحاكم أربع شهادات باللَّه في مقابلة أربعة شهداء {إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} أي: فيما رماها به من الزنا {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧)} فإذا قال ذلك بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وحرمت عليه أبدًا، ويعطيها مهرها، ويتوجه عليها حد الزنا، ولا يدرأ عنها العذاب إلا أن تلاعن، فتشهد أربع شهادات باللَّه إنه لمن الكاذبين، أي: فيما رماها به {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩)} ولهذا قال: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} يعني: الحد {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩)} فخصها بالغضب، كما أن الغالب أن الرجل لا يقدم على فضيحة أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذور، وهي تعلم صدقه فيما رماها به، ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب اللَّه عليها، والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه (٢).

وقال الشيخ مصطفى العدوي: وهذه أيضًا إحدى الاستثناءات من الآية العامة التي تقدمت {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (النور: ٤) فقد استثني منها الزوج


(١) أخرجه البخاري (٤٤٧٠).
(٢) تفسير ابن كثير (٦/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>