للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن القادر المطلق قد خلق لمصلحة العالم البراهمة من فمه، وشتري من سواعده، وويش من أفخاذه، والشودر من أرجله، ووزع لهم فرائض وواجبات لصلاح العالم. فعلى البراهمة تعليم ويد أو تقديم النذور للآلهة وتعاطي الصدقات، وعلى الشتري حراسة الناس والتصدق وتقديم النذور ودراسة ويد والعزوف عن الشهوات، وعلى ويش رعي السائمة والقيام بخدمتها وتلاوة ويد والتجارة والزراعة، وليس لشودر إلا خدمة هذه الطبقات الثلاث. (١)

وأما المرأة في المجتمع الهندي فقد نزلت في هذا المجتمع منزلة الإماء، وكان الرجل قد يخسر امرأته في القمار، وكان في بعض الأحيان للمرأة عدة أزواج، فإذا مات زوجها صارت كالموءودة لا تتزوج، وتكون هدف الإهانات والتجريح، وكانت أمة بيت زوجها المتوفى وخادم الأحماء وقد تحرق نفسها على إثر وفاة زوجها تفاديًا من عذاب الحياة وشقاء الدنيا. وهكذا صارت هذه البلاد المخصبة أرضًا وعقولًا، وهذه الأمة -التي وصفها بعض مؤرخي العرب بكونها معدن الحكمة وينبوع العدل والسياسة وأهل الأحلام الراجحة والآراء الفاضلة؛ لبعد عهدها عن الدين الصحيح وضياع مصادره وتحريف رجال الدين وإمعان الناس في القياس والتخمين واتباع هوى النفوس ونزعات الشهوات. أصبحت هذه البلاد مسرحًا للجهل الفاضح والوثنية الوضيعة والقسوة الهمجية والجور الاجتماعي الذي ليس له مثيل في الأمم ولا نظير في التاريخ. (٢)

سابعًا: العرب: أما العرب فقد امتازوا بين أمم العالم وشعوبه في العصر الجاهلي بأخلاق ومواهب تفردوا بها أو فازوا فيها بالقِدْح المعلَّى، كالفصاحة، وقوة البيان، وحب الحرية والأنفة والفروسية والشجاعة والحماسة في سبيل العقيدة، والصراحة في القول، وجودة الحفظ، وقوة الذاكرة، وحب المساواة، وقوة الإرادة، والوفاء والأمانة. ولكن ابتلوا في العصر


(١) ماذا خسر العالم صـ ٧٢ - ٧٣.
(٢) ماذا خسر العالم (٧٥ - ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>