للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبول الإسلام، وإنما كانوا يؤدونها مع سائر أهل الذمة، وهم غير المسلمين من رعايا الدولة الذين كانت تحول ديانتهم بينهم وبين الخدمة في الجيش في مقابل الحماية التي كفلتها لهم سيوف المسلمين. ولما قدم أهل الحيرة المال المتفق عليه، ذكروا صراحة أنهم إنما دفعوا هذه الجزية على شريطة أن يمنعونا وأميرهم البغي من المسلمين وغيرهم. (١)

[الشبهة الثانية: ملابس أهل الذمة]

ومن هذه الشبهات التي ضخمها المستشرقون ما يتعلق بملابس أهل الذمة، وما روي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: اشترط عليهم ألا يتشبهوا بالمسلمين في ثيابهم وسروجهم ونعالهم، وأن يضعوا في أوساطهم أو على أكتافهم شارات معينة تميزهم عن المسلمين وينسب ذلك إلى عمر بن العزيز أيضًا.

الجواب عن هذه الشبهة:

يقول الدكتور الخربوطلي (٢): ونحن نرى أنه لو افترضنا جدلًا حقيقة هذه الأوامر الصادرة عن الخليفتين، فقد كان هذا لا غبار عليه، فهو نوع من التحديد للملابس في نطاق الحياة الاجتماعية، للتمييز بين أصحاب الأديان المختلفة، وخاصة أننا في وقت مبكر من التاريخ ليس فيه بطاقات تثبت الشخصية، وما تحمله عادة من تحديد الجنسية والدين والعمر وغير ذلك. فقد كانت الملابس المتميزة هي الوسيلة الوحيدة لإثبات دين كل من يرتديها، وكان للعرب المسلمين ملابسهم كما للنصارى أو اليهود أو المجوس ملابسهم أيضًا، وإذا كان المستشرقون قد اعتبروا أن تحديد شكل ولون الثياب هو من مظاهر الاضطهاد، فنحن نقول لهم: إن الاضطهاد في هذه الصورة يكون قد لحق بالمسلمين، وأهل الذمة على السواء، وإذا كان الخلفاء ينصحون العرب والمسلمين بألا يتشبهوا بغيرهم، فمن المنطقي أن يأمروا غير


(١) راجع تفصيل ذلك كله في شبهة الجزية من هذه الموسوعة.
(٢) الإسلام وأهل الذمة صـ ٨٦ - ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>