للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وال من والاه، وعاد من عاداه) برواية الثقات له ولم تأت هذه الزيادة في طريق منه.

[الشبهة السادسة عشر: حول حفظ أبي هريرة]

فيقولون: إن أبا هريرة كان ينسى الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مع أنه قال: يَا رَسُولَ الله: إني أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ. قَالَ: "ابْسُطْ رِدَاءَكَ" فَبَسَطْتُهُ. قَالَ فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "ضُمُّهُ" فَضَمَمْتُهُ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ (١). وقد اعترض عليه الصحابة في ذلك.

والرد على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: وهو إجمالًا، قد يكون هذا النسيان منه -رضي الله عنه- قبل الدعوة النبوية لما طلب منه أن يبسط رداءه فبسطه ثم ضمه بعد أن دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينس شيئًا قط وصار بذلك أحفظ الصحابة (٢).

الوجه الثاني: تفصيل القول حول هذه الأحاديث.

الحديث الأول: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا عَدْوَى، وَلا صَفَرَ، وَلا هَامَةَ". فَقَالَ أعرابي: يَا رَسُولَ الله، فَمَا بَالُ الإِبِلِ تَكُونُ في الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيُخَالِطُهَا الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ" (٣).

وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَعْدُ يَقُولُ: قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"، وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأَوَّلِ. قُلْنَا: أَلَمْ تحدِّثْ أَنهُ لا عَدْوَى؟ فَرَطَنَ بِالحبَشِيَّةِ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِىَ حَدِيثًا غَيْرَهُ (٤).

والرد على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: أن قول أبي سلمة: (فَمَا رأيْته نسِىَ حَدِيثا غيْرَة) بحسب ظنه.

قال ابن حجر: فأما دعوى نسيان أبي هريرة للحديث فهو بحسب ما ظن أبو سلمة،


= الضعفاء. لسان الميزان ٤/ ١٨١.
(١) البخاري (١١٩)، مسلم (٢٤٩٢).
(٢) فتح الباري لابن حجر ١٠/ ٢٥٣ بتصرف.
(٣) البخاري (٥٧٧٠)، مسلم (٥٣٨٧).
(٤) البخاري (٥٧٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>