للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بينت ذلك رواية يونس التي أشرت إليها (١).

ورواية يونس التي أشار إليها هي: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يحدِّثُنَا أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "لا عَدْوَى". فَلا أَدْرِى أَنَسِىَ أبُو هُرَيْرَةَ أَوْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الآخَرَ (٢).

الوجه الثاني: أبو هريرة كان يعلم بالحديثين، لكنه كان يسكت عن أحدهما للمصلحة.

قال ابن حجر: ويحتمل أيضًا أنهما لما كانا خبرين متغايرين عن حكمين مختلفين لا ملازمة بينهما جاز عنده أن يحدث بأحدهما ويسكت عن الآخر حسبما تدعو إليه الحاجة. قاله القرطبي في المفهم. قال: ويحتمل أن يكون خاف اعتقاد جاهل يظنهما متناقضين فسكت عن أحدهما، وكان إذا أمن ذلك حدث بهما جميعًا (٣).

الوجه الثالث: أبو هريرة لم ينفرد بالحديث.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ ..... " (٤).

عَنْ أَنس -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ .... " (٥)

عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا غُولَ" (٦).

الحديث الثاني: عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ، قِيلَ لِعَائِشَةَ: إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: يَرْحَمُ الله أَبَا هُرَيْرَةَ، حَفِظَ أَوَّلَ الحدِيثِ، وَلَمْ يَحْفَظْ آخِرَهُ، إنَّ المُشْرِكِينَ كَانُوا يَهْجُونَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا، خَيْرٌ له مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا، مِنْ مُهَاجَاةِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-".

والرد على ذلك من وجوه:

الوجه الأول: حديث أبي هريرة صحيح لا مطعن في فيه


(١) فتح الباري ١٠/ ٢٥٣.
(٢) مسلم (٢٢٢١).
(٣) فتح الباري ١٠/ ٢٥٣.
(٤) البخاري (٥٧٥٣)، مسلم (٢٢٢٥).
(٥) البخاري (٥٧٥٦)، مسلم (٢٢٢٤).
(٦) مسلم (٢٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>