للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأختموا على أفواههم، فيختم على أفواههم فتنطق أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون، فعند ذلك عرف المشركون أن اللَّه لا يُكتم حديثًا، فذلك قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}.

ثم قال ابن عباس -رضي اللَّه عنه- للرجل: احفظ عني ما حدثتك، واعلم أن ما اختلف عليك من القرآن أشباه ما حدثتك؛ فإن اللَّه تعالى لم ينزل شيئًا إلا قد أصاب به الذي أراد، ولكن الناس لا يعلمون، فلا يختلفن عليك القرآن؛ فإن كلًّا من عند اللَّه تبارك وتعالى (١).

وفي لفظ: فقال له ابن عباس: هل بقي في قلبك شيء إنه ليس من القرآن شيء إلا نزل فيه شيء ولكن لا تعلمون وجهه؟

ثانيًا: الكافر لا يسأل حميمه سؤال رحمة، ولكن المؤمنين يتعارفون فيتساءلون.

١ - قوله تعالى: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} (المؤمنون: ١٠١)، {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩)} (الرحمن: ٣٩)، {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠)} (المعارج: ١٠) ورد التعارض بين ذلك وبين قوله: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٥٠)} (الصافات: ٥٠)، {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} (الصافات: ٢٤).

أولًا: التساؤل أنواع:

* فمنه ما هو تساؤل من أجل التعارف: فيسأل الرجل الآخر ليعرف اسمه وعشيرته وبلده: قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} (الحجرات: ١٣)، وقال: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ


(١) رواه الطبري ٨/ ٣٧٣، ومجاهد في تفسيره (١٨٨٥)، وابن منده في التوحيد (٢٠)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٧٢١٥)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (٢٠٧)، البعث والنشور للبيهقي (٧٤)، والأسماء والصفات للبيهقي (٨٠٩)، والمستدرك (٣١٩٨)، والطبراني في الكبير (١٠٥٩٤)، والبخاري معلقًا (٤٥٣٧، ٣٠١) باب تفسير سورة (حم السجدة، فصلت) وإسناده جيد، والسائل هو نافع بن الأزرق، وكان يأتي ابن عباس ليلقى عليه متشابه القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>