أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ المُسِيحِ؟ " (كورنثوس (١) ٦/ ١٥)، (وانظر صموئيل (٢) ١٩/ ١٢، كورنثوس (١) ١٢/ ٢٧)، (أفسس ٢/ ١٤). وغير ذلك من أمثلة وحدة المشيئة والهدف والمحبة، لا الذات.
١٢ - ومثل هذا الاستخدام للوحدة المجازية، وحدة الهدف والمشيئة ورد في القرآن من غير أن يفهم منه أحد من المسلمين الوحدة الحقيقية، وحدة الذات، وذلك في قوله تعالى، وهو يخاطب نبيه:(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله)(الفتح: ١٠)، فلم يقل أحد من المسلمين أن الله ونبيه ذات واحدة كما صنع النصارى في قول المسيح: "أنا والآب واحد".
٢ - قول المسيح: "الذي رآني فقد رأى الآب" ومن أهم ما يستدل به النصارى على ألوهية المسيح عليه السلام قوله: "الذي رآني فقد رأى الآب" (يوحنا ١٤/ ٩)، إذ فهموا منه أن الله الآب هو المسيح، وأن رؤية المسيح هي بالحقيقة رؤية لله - عز وجل -. ولفهم النص الفهم الصحيح نعود إلى سياقه، فالسياق من أوله يخبر أن المسيح عليه السلام قال لتلاميذه: "أنا أمضي لأعد لكم مكانا، وإن مضيت وأعددت لكم مكانا آتي أيضًا وآخذكم" وقصده بالمكان الملكوت. فلم يفهم عليه توما فقال: " يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟ "، لقد فهم أنه يتحدث عن طريق حقيقي وعن رحلة حقيقية، فقال له المسيح مصححًا ومبينًا أن الرحلة معنوية وليست حقيقية مكانية: "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ." (يوحنا ١٤/ ١ - ٦)، أي أن اتباع شرعه ودينه هو وحده الموصل إلى رضوان الله وجنته.
ثم طلب منه فيلبس أن يريهم الله، فنهره المسيح وقال له: "أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلَامُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَال." (يوحنا ١٤/ ١٠) أي كيف تسأل ذلك يا فيلبس، وأنت يهودي تعلم أن الله لا يرى، فالذي رآني رأى الآب، حين رأى أعمال الله (المعجزات) التي أجراها على يد المسيح.
١ - يشبه هذا النص تمامًا ما جاء متى "ثُمَّ يَقُولُ المُلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا المُلَكُوتَ المُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالمِ. ٣٥ لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي.