عندما نتحدث عن كتاب مقدس، فإنه من الطبيعي أن نسلم بعصمة هذا الكتاب، وأن ما فيه هو وحي الله - عز وجل -.
إذ وجود الخطأ فيه يعني أن الله يخطئ، أو أن الروح القدس يخطئ، أو أن الرسول المبلغ يخطئ.
وهذه الاحتمالات كلها مرفوضة باتفاق الأمم وبدلالة العقل، إذ الخطأ صفة بشرية لا يمكن أن تصدر من الله أو أمناء وحيه من الملائكة أو الرسل، ففي ذلك تلبيس على البشر وإضلال لهم.
ولكنا حين نتصفح أسفار الكتاب المقدس نجد أغلاطا توراتية كثيرة، كل منها يشهد ببراءة الله ووحيه من هذا الكتاب.
أولًا: أغلاط العهد القديم.
وقد تعددت الشواهد والنماذج على الأخطاء والأغلاط في العهد القديم، ونكتفي منها بنماذج وأمثلة توضح بجلاء أمر هذه الأغلاط، فمنها:
١ - أن سفر التكوين يحكي عن خيانة إخوة يوسف لأخيهم، فيذكر أن تجارًا مديانيين أخرجوه من البئر، وباعوه لقوم من الإسماعيليين بعشرين من الفضة، وأن هؤلاء الإسماعيليين قد حملوه معهم إلى مصر "وَاجْتَازَ رِجَالٌ مِدْيَانِيُّونَ تُجَّارٌ، فَسَحَبُوا يُوسُفَ وَأَصْعَدُوهُ مِنَ الْبِئْرِ، وَبَاعُوا يُوسُفَ لِلإِسْمَاعِيلِيِّينَ بِعِشْرِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. فَأَتَوْا بِيُوسُفَ إِلَى مِصْرَ."(التكوين ٣٧/ ٢٨).
وفي مصر بيع يوسف لفوطيفار، والمفروض أن الذي باعه لفوطيفار هم الإسماعيليون الذين حملوه إلى مصر بعد أن اشتروه بعشرين من الفضة، لكن كاتب السفر أخطأ فقال:"وَأَمَّا المدْيَانِيُّونَ فَبَاعُوهُ فِي مِصْرَ لِفُوطِيفَارَ خَصِيِّ فِرْعَوْنَ، رَئِيسِ الشُّرَطِ."(التكوين ٣٧/ ٣٦)، والمفروض أن الإسماعيليين هم الذين باعوه لفوطيفار، وهذا هو الصحيح، إذ يعود سفر التكوين لتقريره فيقول: "وَأَمَّا يُوسُفُ فَأُنْزِلَ إِلَى مِصْرَ، وَاشْتَرَاهُ فُوطِيفَارُ خَصِيُّ