للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآية. (١)

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قَالَ كَانَ قَوْمٌ يَسْألونَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مَنْ أَبِي؛ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ الله فِيهِمْ هَذه الآيَةَ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا. (٢)

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا أيها الناس، كتب الله عليكم الحج". فقام محصن الأسدي فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال: "أما إني لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت ثم تركتم لضللتم. اسكتوا عني ما سكت عنكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم" فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} إلى آخر الآية. (٣)

قال الطبري: ذكر أن هذه الآية أنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ بسبب مسائل كان يسألها إياه أقوام امتحانًا له أحيانًا، واستهزاءً أحيانًّا، فيقول له بعضهم: "من أبي"؟ ويقول له بعضهم إذا ضلت ناقته: "أين ناقتي"؟ فقال لهم -تعالى ذكره-: لا تسألوا عن أشياءَ من ذلك، كمسألة عبد الله بن حُذافة إياه من أبوه {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، يقول: إن أبدينا لكم حقيقة ما تسألون عنه، ساءكم إبداؤها وإظهارها. (٤)

ومن هذا تبين لنا: أنه قد تتعدد أسباب النزول للآية الواحدة، فتحدث مسألة ثم يحدث أمر ثم أمر آخر فتنزل الآية في ذلك كله. والله تعالى أعلم. (٥)

الوجه الثاني: النهي الوارد في الآية عن السؤال لغير فائدة أو السؤال الذي يجلب المشقة. وقد ذم النبي - صلى الله عليه وسلم - كثرة السؤال لغير فائدة أو فيما يسيء.


(١) البخاري (٤٦٢١)، ومسلم (٢٣٥٩).
(٢) البخاري (٤٦٢٢).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه الطبري في التفسير (٧/ ٨٢).
(٤) تفسير الطبري (٧/ ٨٠).
(٥) تفسير سورة المائدة (صـ ٥٣٤) للشيخ مصطفى العدوى وراجع مبحث أسباب النزول في قسم علوم القرآن في هذه الموسوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>