في هذا الحديث الذي ذكروه حث على عبادة الصيام، وأنها العبادة التي لا يستطيع الإنسان أن يرائي فيها؛ لأنَّها بين العبد وربه، ولذلك كان جزاؤها بين العبد وربه.
ورائحة فم الصائم تكون متغيرة وغير مقبولة عند الناس، ولكن عند الله هذه الرائحة أطيب من المسك، ليس معنى ذلك إثبات الشم لله، وإنما تذكير للعباد، كما أنهم يفرون من الرائحة غير المقبولة أو الكريهة ويذمون صاحبها، ويتنعمون بالرائحة الطيبة؛ ويمدحون صاحبها، فإن رائحة فم الصائم ممدوح صاحبها عند الله تعالى أطيب من مدح رائحة المسك عند الناس، والله أعلم.
[الوجه الرابع: ماذا في كتبهم عن الرائحة؟]
[الرب يطلب البخور والرائحة الطيبة]
كما جاء في سيراخ:(اصطفاه من بين جميع الأحياء ليقرب التقدمة للرب البخور والرائحة الطيبة ذكرًا وتكفيرًا عن شعبه (سيراخ ٤٥: ٢٠)
فعلى حسب هذا النص: الرب يشم كما يشم البشر، بل يطلب البخور والرائحة الطيبة.
[الرب له رائحة]
كما جاء في رسالة كورونثوس ٢ (٢: ١٤ - ١٥): وَلكِنْ شُكْرًا لله الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ لله، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ.