للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - ومن التربية النبوية الفريدة لأصحابه في معاملة الجاهل وعدم تعنيفه ما جاء في حديث راوية الإسلام أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَال فِي الْمَسْجِدِ فتنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَال لَهُمْ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلَا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ؟ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ (١).

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب التخفيف والتيسير على الناس.

قال الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث السابق: وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن ذلك منه عنادًا، ولا سيما إن كان يحتاج إلى استئلافه، وفيه رأفة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحسن خلقه.

٦ - وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا" (٢).

٧ - وعن عائشة - رضي الله عنه - قالت: ما خيّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين قط إلَّا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان ثَمَّ إثم كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه قط إلَّا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله تعالى (٣).

[المبحث الثالث: سماحة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع غير المسلمين]

إن سماحة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع غير المسلمين دليل على زيف هذه الشبهة؛ فقد بعث الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، وهو - صلى الله عليه وسلم - مثال للكمال البشري في حياته كلها، مثال للكمال في علاقته بربه وفي علاقته بالناس كلهم بمختلف أجناسهم وأعمارهم وألوانهم، مسلمين وغير مسلمين، قال جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا سهلًا (٤)، قال النووي: "أي سهل الخلق كريم الشمائل لطيفًا ميسرًا في الخلق." (٥).


(١) البخاري (٢٢٠).
(٢) البخاري (٦٩)، ومسلم (١٧٣٤).
(٣) البخاري (٣٥٦٠)، ومسلم (٢٣٢٧).
(٤) مسلم (١٢١٣).
(٥) شرح صحيح مسلم للنووي ٤/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>