للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يطيق خيرًا ألف مرة من إقصائه عن البيت الذي كان يحسن إليه ويرحمه إلى جحيم القطيعة والحرمان.

[الوجه الرابع عشر: الأرقاء المعاصرون قد يصلون إلى حالة أسوأ من الأرقاء الغابرين.]

قال عبد اللَّه ناصح علوان: هل في العالم اليوم رق؟

صحيح أن الثورة الفرنسية ألغت الرق في أوروبا، وصحيح أن (لنكولن) ألغى الرق في أمريكا، ثم اتفق العالم بعد هذا وذاك على إبطال الرق.

صحيح أنه حصل كل هذا، ولكن علينا أن لا ننخدع بالأسماء وأن لا نغتر بالشعارات، وإلا فأين هو الرق الذي أُلغي؟ وما يمكن أن نسمي ما يحدث اليوم في كل أنحاء العالم؟ وما اسم الذي كانت تصنعه فرنسا في المغرب الإسلامي؟ وما اسم الذي تصنعه أمريكا في الزنوج، وإنجلترا في الملونين في جنوب إفريقيا، وروسيا في البلاد الإسلامية التي تحت سلطتها.

أليس الرق في حقيقته -كما يقول محمد قطب- هو تبعية قوم لقوم آخرين، وحرمان طائفة من البشر من الحقوق المباحة لآخرين؟ أم هو شيء غير ذلك؟ ، وماذا يعني أن يكون هذا تحت عنوان الرق، أو تحت عنوان الحرية والإخاء والمساواة؟ ماذا تجدي العناوين البراقة إذا كانت الحقائق التي ورائها هي أخبث ما عرفته البشرية من الحقائق في تاريخها الطويل.

لقد كان الإسلام صريحًا مع نفسه ومع الناس فقال هذا رق، وسببه الوحيد هو كذا والطريق إلى التحرر منه مفتوح، والطريق إلى إنهائه إذا اقتضى الأمر موجود، أما الحضارة الزائفة التي نعيش اليوم في أحضانها فلا تجد في نفسها هذه الصراحة، فهي تعرف براعتها في تزييف الحقائق وطلاء اللافتات البراقة، فقد قُتل مئات الألوف في تونس والجزائر ومراكش، لا لشيء سوى أنهم يطالبون بالحرية والاستقلال والكرامة الإنسانية، وقُتل مئات الألوف في أفريقيا للغرض نفسه ليعيشوا في بلادهم أسيادًا مكرمين يعتقدون

<<  <  ج: ص:  >  >>