للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: "يَا رَسُولَ الله إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا. قَالَ "إني لا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا". (١)

[ثالثا: من الإجماع.]

أجمع أهل الملل والشرائع كلها على عصمة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - من أي شيء يخل بالتبليغ، فلا يجوز عليهم التحريف، ولا الكذب قليله وكثيره، سهوه وعمده، فكل هذا مما ينزه عنه منصب النبوة، وإلا لم يبق الاعتماد على شيء من الشرائع، ولما تميز لنا الغلط والسهو من غيره، ولاختلط الحق بالباطل، واستدلوا لذلك بأنه لو جاز عليهم التقول والافتراء في ذلك عقلًا، لأدى إلى إبطال المعجزة القاطعة بصدقهم؛ وإبطال المعجزة محال، فالكذب في التبليغ وعدم العصمة فيه، محال أيضًا.

قال القاضي عياض: قامت الدلائل الواضحة بصح المعجزة على صدقه - صلى الله عليه وسلم - وأجمعت الأمة فيما كان طريقه البلاغ أنه معصوم فيه من الإخبار بشيء منها بخلاف ما هو به. (٢)

قال ابن تيمية: إن الأنبياء - صلوات الله عليهم - معصومون فيما يخبرون به عن الله سبحانه، وفى تبليغ رسالاته باتفاق الأمة ولهذا وجب الإيمان بكل ما أوتوه ..... والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين. (٣)

والكلام هنا ليس خاصًّا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، بل وغيره من الأنبياء كذلك، إذ لا فرق بينهم في واجب التبليغ. (٤)

ثانيًا: عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشيطان وجنوده.

وقد دل على هذا القرآن والسنة والإجماع.


(١) حسن. أحمد في مسنده ٢/ ٣٦٠، والترمذي في سننه (١٩٩٠) من طريق عبد الله بن المبارك، وأخرجه أحمد في مسنده ٢/ ٣٤٠ من طريق محمد (هو ابن عجلان) كلاهما (عبد الله، محمد)، عن أسامة بن زيد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة به. والحديث حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٧٢٦).
(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢/ ١٤٠.
(٣) مجموع الفتاوى ١٠/ ٢٨٩ - ٢٩٠.
(٤) رد شبهات حول عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ضوء السنة النبوية الشريفة ١/ ٤٢٠، حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته في ضوء الكتاب والسنة ١/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>