قال تعالى:{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}[الفرقان: ٧٥]، وقال تعالى:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}[سبأ: ٣٧]، في الآية الأولى (الغرفة)، وفي الثانية (الغرفات)، فكيف يكون الرد؟
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: هذا ليس بتعارض، فذكر المفرد وإرادة الجمع هذا من أساليب القرآن المعجز.
الوجه الثاني: بيان معاني الغرفة وأنها درجة عالية رفيعة في الجنة.
الوجه الثالث: بيان الحكمة من الإفراد والجمع في الآيتين.
[الوجه الأول: ذكر المفرد ويراد به الجمع، هذا أسلوب من أساليب القرآن المعجز وهذا منه.]
قال الشنقيطي: الذي يظهر لي من استقراء اللغة العربية التي نزل بها القرآن، هو أن من أساليبها أن المفرد إذا كان اسم جنس يكثر إطلاقه مرادًا به الجمع مع تنكيره، وتعريفه بالألف واللام، وبالإضافة فمن أمثلته في القرآن مع التنكير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤)} أي: وأنهار بدليل قوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، وقوله:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: أئمة، وقوله تعالى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} أي: أنفسًا، وقوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (٦٧)} أي سامرين، وقوله تعالى:{لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} أي: بينهم، وقوله تعالى:{وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} أي: رفقاء، وقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} أي: مجنبين أو أجنابًا، وقوله تعالى:{وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} أي: مظاهرون. ومن أمثلة ذلك مع التنكير في كلام العرب قول عقيل بن علفة المري: