للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن يجنحوا إلى السلم ويمدوا أيديهم للتصالح مع المسلمين، قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)} [الأنفال: ٦١]

٣ - أن يحرز المسلمون النصر ويوقنوا بزوال الخطر، وعليهم حينئذ أن يكفوا عن القتال ويبدأوا بتصفية الموقف، قال تعالى: {إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: ٤].

[معاملة الأسرى في الإسلام والتشريعات الأخرى]

إذا كانت معاملة الأسرى في ظل منهج القرآن قد بلغت شأوًا بعيدًا في الإحسان والرحمة؛ فإنه باستقرار تاريخ التشريعات الأخرى نرى عكس ما انتظمته تشريعات القرآن الكريم السامية (١).

[الأسرى في ظل تشريعات فارس]

فالقارئ لتاريخ فارس يرى أمرًا عجبًا فإنهم كانوا يعاملون أسراهم بقسوة لا شفقة معها فيسملون أعينهم، ويسومونهم سوء العذاب ثم يقتلونهم أو يطلبونهم. (٢)

فأسرى الحرب لم تكن لهم أي قيمة تذكر كبشر في نظر أهل فارس حين وقع (والير فإن) قيصر الروم في أسر شابور الأول قيد بالسلاسل، وطوف به في المدينة، واستخدم كالعبيد طوال حياته، وبعد موته سلخ جلده وملء بالقش (٣).

أما حادثة شابور والأكتاف فهي مشهورة فحين أريد الانتقام من الأسرى العرب (عرب البحرين أو الإحساء) أمر بصفهم معًا، وحرق أكتافهم وربطهم معًا؛ ولهذا عرف في التاريخ باسم (ذو الأكتاف). وتزداد فظاعة هذه الحكايات الدامية حين تعرف أن هذا


(١) استفدنا هذا المبحث من معاملة أسرى الحرب في ضوء القرآن الكريم للدكتور عبد الفتاح عبد الغني، حولية كلية أصول الدين العدد ١٩ صـ ٢١٩.
(٢) راجع، الحرب والسلام في شرعة الإسلام صـ ١٧٤ د/ مجيد خدوري.
(٣) راجع شريعة الإسلام في الجهاد والعلاقات الدولية لأبي الأعلى المودودي صـ ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>