وفي هذا الباب سنقوم بعرض الكتاب المقدس على العلم الحديث لنرى مدى التوافق المفترض وجوده بين ما يفترض أن يكون وحيًا وبين الكون الذي خلقه منزل هذا الوحي والحقائق التي ركبها فيه.
المبحث الأول: موقف النصارى من العلم اعتقادًا وتشريعًا.
المبحث الثاني: دراسة نصوص الكتاب المقدس في ضوء العلم الحديث.
المبحث الثالث: موقف المفسرين النصارى من الأخطاء في نصوص الكتاب المقدس.
وإليك التفصيل
المبحث الأول: موقف النصارى من العلم اعتقادًا وتشريعًا.
أولًا: الأصول التي تحدد هذا الموقف وهي:
[الأصل الأول: الخوارق.]
أول أصل قام عليه الدين المسيحي، وأقوى عماد له هو خوارق العادات. تقرأ الأناجيل فلا تجد للمسيح - عليه السلام - دليلًا على صدقه إلا ما كان يصنع من الخوارق وعددها في الأناجيل يطول شرحه. ثم إنه جعل ذلك دليلًا على صحة الدين لمن يأتي بعده، فجعل لأصحابه ذلك كما تراه في الإصحاح العاشر من إنجيل متى وغيره إذا تتبعت جميع ما قال الأولون من أهل هذا الدين تجد خوارق العادات من أظهر الآيات على صحة الاعتقادات ولا يخفى أن خارق العادة هو الأمر الذي يصدر مخالفًا لشرائع الكون ونواميسه فإذا ساغ أن يكون ذلك لكل من على كعبه في الدين لم يبق عند صاحب الدين ناموس يعرف له حكم مخصوص.
زاد الإنجيل على هذا أن الإيمان ولو كان مثل حبَّة خردل كاف في خرق نواميس الكون كما قال في الإصحاح السابع عشر من متى ١٠: فَالحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لهِذَا الجْبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لدَيْكُمْ.