للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيطلق عليه اسم (إسرائيل) فيفرح يعقوب ويسمى المكان (فنوئيل) (وجه الله) قائلًا: (لأني نظرت الله وجهًا لوجه، ونجيت نفسي)، وتشرق الشمس، فإذا بيعقوب يجمع على فخذه، ومن ثم (لا يأكل بنو إسرائيل عرق النسا الذي على حق الفخذ, لأنه ضرب حق فخذ يعقوب على عرق النسا) (التكوين/ ٣٢: ٢ - ٣٢).

بيانه: ومن هنا فنحن لا نعجب كثيرًا لهذه الأساطير التي تطالعنا بها التوراة من حين لآخر، فهي أصلًا مجموعة من قصص تناقلته الأجيال وأخضعته للطابع المأثوري وهو أمر يكاد ينطبق على أغلب قصص الآباء الأولين التي أريد بها تقدمة لتاريخ بني إسرائيل، فهي إذن ليست من التاريخ بشيء، وإلا لما قوبلنا بتلك الفجوة التي امتدت إلى أربعمائة وثلاثين عامًا- وهي فترة بقائهم بمصر.

ومن ثم فكيف يتأتى لمنطق تحدوه النظرة العلمية، أن يتقبل -على صلاته- قصصًا زخر بدقة ما بعدها دقة تفصيلًا لحياة الآباء الأولين، حتى أنها لتسجل أحيانًا، كلمة فكلمة، ما يزعم أن تفوهوا بها في مناسبات، بينما نجد من بعد أن قد مسحت ذاكرة القوم مسحًا، فيما يتعلق بفترة ربما كانت أعصب فترات (الحياة القومية) - لو أننا بصدد أمة كان لها بالفعل كيان من قومية متصلة. (١)

[السادس عشر: الخطأ في جعل أسطورة أستير حقيقة]

موضع الخطأ: ما جاء في سفر أستير من أنه كان في بلاد فارس وزير يدعى هامان، اشتهر باضطهاد اليهود، فأتمر اليهود بالوزير الفارسي، وأرسلوا إلى مليكه فتاة لعوبًا من بناتهم اسمها (أستير) سلبته نبه فاستخذى لها وفتك بوزيره هامان ابتغاء مرضاتها، وخف اليهود إلى العمل ففتكوا به وبأبنائه العشرة والألوف من أنصاره (٧٥ ألفًا، فيما يقال) ذبحوا ذبح الشياه، ثم (استراحوا في اليوم الرابع (من شهر آذار = مارس) وجعلوه يوم شرب وفرح) -وهو عيد الفوريم- وما يزال يوم الشرب والفرح هذا حتى اليوم. (استير/ ٩: ١٦ - ١٧).


(١) بنو إسرائيل الحضارة والتلمود والتوراة ٢٤١ - ٢٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>