للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد: فهل في كل ما سبق من دلائل حفظ الله عز وجل وعصمته لرسوله - صلى الله عليه وسلم - من محاولات كفار قريش قتله، شك في عصمته - صلى الله عليه وسلم - من القتل. (١)

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَنزلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، قَالَ: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ في الوادي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ رَجُلًا أتاني وَأَنَا نَائِمٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِم عَلَى رأسي فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا في يَدِهِ، فَقَالَ لي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: الله. ثُمَّ قَالَ في الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى؟ قَالَ: قُلْتُ: الله. قَالَ: فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ". ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. (٢)

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً آتَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِىءَ بِهَا إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ. قَالَ: "مَا كَانَ الله لِيُسَلِّطَكِ عَلَي ذَاكَ" قَالَ: أَوْ قَالَ "عَلَيَّ". قَالَ: قَالُوا: أَلا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: "لا". قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا في لَهَوَاتِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -. (٣)

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا كَانَ الله لِيُسَلِّطَكِ عَلَي ذَاكِ أَوْ قَالَ: عَلَيَّ" فيه بيان عصمته - صلى الله عليه وسلم - من الناس كلهم كما قال الله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وهي معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سلامته من السم المهلك لغيره، وفى إعلام الله تعالى له بأنها مسمومة وكلام عضو منه له، فقد جاء في غير مسلم أنه قال: (إن الذراع تخبرني أنها مسمومة) اهـ. (٤)

رابعًا: عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في جانب الاعتقاد. (٥)


(١) رد شبهات حول عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - ١/ ١٦٢.
(٢) البخاري (٢٩١٠)، مسلم (٨٤٣) واللفظ له.
(٣) البخاري (٢٦١٧)، مسلم (٢١٩٠) واللفظ له.
(٤) أبو داود (٤٥١٢). شرح صحيح مسلم للنووي ٧/ ٤٣٤.
(٥) في دلائل النبوة للحافظ أبي نعيم الأصبهاني عقد فصلا في كتابه بعنوان: ذكر ما خصه الله عز وجل به من العصمة وحماه من التدين بدين الجاهلية ... " وقد أورد تحت هذا العنوان العديد من الأحاديث والشواهد =

<<  <  ج: ص:  >  >>