للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عصمته من الشرك والكفر كلها فقد دلت النصوص الثابتة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم منذ نشأته من الكفر والشرك فلم يعهد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد لصنم أو استلمه أو إلى غير ذلك من أمور الشرك التي كان يفعلها قومه. فقد فطره الله على معرفته والاتجاه إليه وحده وهذا هو المعلوم من سيرته. فمن النصوص التي يستدل بها على هذا الأمر ما يلي:

الدليل الأول: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ جِبْرِيلُ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ هَذَا حَظّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ في مَكَانِهِ وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ - فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ. فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقَعُ اللَّوْنِ. قَالَ أَنَسٌ وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أثَرَ ذَلِكَ المخْيَطِ في صَدْرِهِ. (١)

فالحديث نص على إخراج جبريل لحظ الشيطان منه - صلى الله عليه وسلم - وتطهيره لقلبه فلا يقدر الشيطان على إغوائه إذ لا سبيل له عليه. وهذا دليل على تنزيهه من الشرك منذ صغره - صلى الله عليه وسلم -.

الدليل الثاني: عن زيد بن حارثة قال: كان صنم من نحاس يقال له: إساف، أو نائلة، يتمسح به المشركون إذا طافوا فطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فطفت معه، فلما مررت مسحت به، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمسه" فقال زيد: فطفت، فقلت في نفسي: لأمسنه حتى أنظر ما يكون، فمسحته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألم تنه؟ " قلت: زاد فيه غيره، عن محمد بن عمرو بإسناده: قال زيد: فوالذي هو أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما استلم صنمًا حتى أكرمه الله بالذي أكرمه وأنزل عليه. (٢)


= في هذا الشأن. وكذلك فعل البيهقي في دلائل النبوة أيضا فعقد عنوانا لهذا الموضوع فقال: "باب ما جاء في حفظ الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - في شبيبته عن أقذار الجاهلية ومعائبها، لما يريده به من كرامته برسالته حتى يبعث رسولًا". ومثلهما السيوطي في الخصائص الكبرى حيث قال: "باب اختصاصه -صلى الله عليه وسلم- بحفظ الله إياه في شبابه عما كان فيه أهل الجاهلية".
(١) مسلم (٢٦١).
(٢) حسن. الحاكم في المستدرك ١/ ٤١٤، ومن طريقه البيهقي في الدلائل ٢/ ٣٤ من طريق الحسن بن علي بن عفان العامري قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أسامة بن زيد، عن زيد بن حارثة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>