رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ما مات حتى ترك السبيل نهجًا واضحًا، فأحل الحلال، وحرم الحرام، ونكح وطلق، وحارب وسالم، ما كان راعي غنم يتبع بها صاحبها رءوس الجبال، يخبط عليها العضاة بمخبطه، ويمدر حوضها بيده بأنصب ولا أدأب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كان فيكم. أي قوم، فادفنوا صاحبكم. قال: وجعلت أم أيمن تبكي، فقيل لها: يا أم أيمن تبكين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: إني والله ما أبكي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أكون أعلم أنه قد ذهب إلى ما هو خير له من الدنيا، ولكني أبكي على خبر السماء انقطع قال حماد: خنقت العبرة أيوب حين بلغ هاهنا. (١)
[الروايات الأخرى]
وكل الروايات التي ذكرت في كتب السيرة مثل طبقات ابن سعد وغيره، هي من رواية الحسن، وإبراهيم وغيرهم من الذين لم يدركوا حادث وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما قالوه هكذا مرسلًا ولم يذكروا عمن أخذوه، وعليه فلا يحتج بأي منها، ولا يعترض علينا إلا بم صح من الروايات والأخبار.
وحتى لو صحت هذه الروايات، فيمكن توجيهها على أن العباس لم يكن يخبر عن أمر قد وقع وإنما هو اجتهاد من قبل العباس إذ ظن أن جسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيسري عليه ما يسري على سائر الأجساد بعد الموت، إذا فجسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن قد أسن وإنما طالب العباس بدفن البدن الشريف إكراما له وترهيبا من تركه حتى يأسن، اعتقادا منه أن ذلك محتملا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحكم بشريته وطبيعته الإنسانية.
[الوجه الثاني: ذكر الروايات الصحيحة الثابتة في حادثة موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وتغسيله ودفنه.]
أولًا: موت النبي - صلى الله عليه وسلم -.
عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مات وأبو بكر بالسنح، - قال: إسماعيل يعني بالعالية - فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: وقال عمر:
(١) أخرجه الدارمي في سننه (٨٢)، وابن سعد في الطبقات (٢/ ٢٦٦) من طريق حماد بن زيد أخبرنا أيوب عن عكرمة به. ورجاله ثقات إلا أنه مرسل، فعكرمة تابعي لم يدرك القصة ولم يذكر عمن أخذه فلا يحتج به.