للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} قُلْتُ: مَا أُرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ. (١)

أولًا: معنى الهوى:

والهَوى - مقصور -: هَوَى النَّفْس، وإِذا أَضفته إِليك قلت هَوايَ.

الهَوى: العِشْق، يكون في مداخل الخير والشر.

وهَوى النفسِ: إِرادتها، والجمع الأَهْواء.

قال اللغويون: الهَوَى: محبةُ الإِنسانِ الشيء وغَلَبَتُه على قلبه؛ قال الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} معناه: نَهَاها عن شَهَوَاتِها وما تدعو إِليه من معاصي الله -عَزَّ وَجَلَّ-.

وقال الليث: الهَوى - مقصور -: هَوى الضَّمير، تقول: هَوِي، بالكسر، يَهْوى هوىً أَي أَحبّ. (٢)

ثانيًا: معنى الهوى في الحديث:

قول عائشة: مَا أَرَى رَبَّك إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاك.

قال ابن حجر: أَيْ: مَما أَرَى الله إِلَّا مُوجِدًا لِما تُرِيد بِلا تَأْخِير، مُنْزِلًا لِما تُحِبّ وَتَخْتَار. (٣)

وقال: فِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن بِشْرٍ "إِنِّي لأَرَى رَبَّك يُسَارِعُ لَك فِي هَوَاك" أَيْ فِي رِضَاك. قَال الْقُرْطُبِيّ: هَذَا قَوْل أَبْرَزَهُ الدَّلال وَالْغَيْرَة، وَهُوَ مِنْ نَوْع قَوْلَهَا: مَا أَحْمَدكُمَا وَلا أَحْمَد إِلَّا الله، وَإِلا فَإِضَافَة الْهَوَى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا تُحْمَل عَلَى ظَاهِرهِ، لأَنَّهُ لا يَنْطِق عَنْ الْهَوَى وَلا يَفْعَل بِالْهَوَى، وَلَوْ قَالتْ إِلَى مَرْضَاتك لَكَانَ أَلْيَق، وَلَكِنَّ الْغَيْرَة يُغْتَفَر لأَجْلِهَا إِطْلاق مِثْل ذَلِكَ (٤).

[الوجه الثالث: ماذا في كتابهم من القبائح!]

١ - الرب يأمر بالزنى.

كما جاء في هوشع: (أَوَّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ، قَال الرَّبُّ لِهُوشَعَ: "اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلَادَ زِنًى، لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ") (هوشع ١/ ٢)


(١) البخاري (٤٤١٤)، ومسلم (٢٦٥٨).
(٢) لسان العرب لابن منظور (١٥/ ٣٧٤) باختصار.
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري (٨/ ٥٢٦).
(٤) المصدر السابق (٩/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>