٢ - لم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة، وإن وجب في بعضه على أهل العلم معرفة تاريخ الناسخ والمنسوخ.
٣ - وعلى ذلك الصحابة والتابعون لم تتوفر الدواعي على إخبارهم به، ومواصلة ذكره على أسماعهم وأخذهم بمعرفته.
فائدة: أن القرآن لم ينزل جملة واحدة، وإنما نزل مفرقًا.
أن القرآن لم ينزل جملةً واحدة، وإنما نزل مفرقًا على دفعات، فبذلك لم ينزل في مكان واحد، وإنما كان يتعايش مع المسلمين في حياتهم وغزواتهم ومواقفهم، فلا يعقل مثلًا أن تحدث حادثة الإفك في المدينة ثم ينزل القرآن فيها بمكة، فهذا من سوائغ الاختلاف مع سائغ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص نصًا في تحديد المكي والمدني.
الوجه الثالث: أن اختلاف العلماء ليس منهيًا عنه في هذه الأمور.
فإن قيل: إن هناك سورًا بعضها مكي وبعضها مدني، فنقول: إن السورة تشتمل على أكثر من موضوع وموقف وعلى أكثر من حكاية، فلا مانع أن تكون هذه الحادثة حدثت بالمدينة، وحادثة أخرى بمكة وجمعتا في سورة واحدة بأمر من الله - عز وجل - للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فتكون بعض الآياتِ مدنية والأخرى مكية، وهذا في قليل من سور القرآن.
مثال: إن البقرة سورة مدنية إلا ما ذُكر فيها من قصة آدم - عليه السلام -، لأن الغالب على المكي أنه يذكر فيه قصص السابقين، وهناك بعض السور والآيات قد تنزل مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة، مثل الفاتحة، فمن الأقوال فيها أنها نزلت مرتين.